fbpx

ديمقراطيو البيت الأبيض.. حسابات البيدر النفطي وأداء ماكغورك ومالي

0 334

يقترب استحقاق انتخابات الكونغرس بمجلسيه، هذا الاستحقاق الذي يتمثّل بانتخابات الكونغرس النصفية في شهر نوفمبر القادم، سيؤثر عليه وضع أسعار النفط عالمياً، بسبب شن الروس الحرب على أوكرانيا المسالمة.

الرئيس الديمقراطي جو بايدن يدرك أهمية محافظة برميل النفط على سعرٍ مقبول، فهذا السعر يلعب دوراً حيوياً في الاقتصاد العالمي واستقراره، ولهذا بادر بايدن بمحاولة إجراء اتصالاتٍ مع ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، ومع ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لكن محاولات بايدن لم يكتب لها النجاح، لأسباب تتعلق بسياسة الولايات المتحدة الحالية حيال أمن الخليج والوضع في اليمن، وبسبب عدم أخذ مصالح هذين الحليفين في محادثات الملف النووي الإيراني.

الدولتان السعودية والإمارات لا تريدان أن ترضخا لسياسة بايدن، التي يرسمها مسؤول ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك، ومبعوث الولايات المتحدة للملف النووي الإيراني روبرت مالي، هذه السياسة لا تخدم مصالح الولايات المتحدة الجوهرية، وتعمل فعلياً ضد مصالح حلفائها وهم في معادلة الشرق الأوسط (السعودية والإمارات وتركيا).

فماكغورك ظنّ مخطئاً أن الانقلاب على حليفي واشنطن (السعودية والإمارات) في معادلة الصراع في اليمن، من خلال إلغاء صفة الحوثيين الإرهابية إرضاءً لإيران، لاستمالتها بشأن ملفها النووي”.

ماكغورك الذي يتبنى البيت الأبيض سياساته، المتعلقة بالشأن الخليجي، وشأن دعم التنظيم الانفصالي الكردي في شمال شرق سوريا (ميليشيات PYD)، يرتكب ذات الخطأ مع تركيا، فهو يدعم أداة انفصالية تهدّد الوضع السوري، وتهدّد الأمن القومي للدولة التركية.

أما روبرت مالي فهو الآخر يهمه إنجاز تقدم في ملف المفاوضات النووية مع إيران، مقابل تقديم تنازلات جوهرية لحكومة الملالي في طهران، هذه السياسة التي لا ترى بغير عين واحدة، ستكلّف الولايات المتحدة خسائر على الصعيد الجيوسياسي والاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط.

إن سياسة بايدن حيال الحرب الروسية على أوكرانيا، تعتمد على عدم مواجهة الروس مباشرة، ومنعهم من احتلال أوكرانيا، وإنما تعتمد على إمكانية توريد أنواع محددة من الأسلحة لأوكرانيا لمواجهة العدوان الروسي، دون الأخذ بالاعتبار، أن نجاح بوتين في احتلال أوكرانيا، يعني تهديداً حقيقياً لاستقرار القارة الأوربية وأنظمتها الديمقراطية.

إن تصحيح بايدن والديمقراطيين لسياساتهم الحالية ضرورة ملحة لهم، لمنع خسارتهم في انتخابات الكونغرس النصفية بمجلسيه (النواب والشيوخ)، هذا التصحيح يبدأ من تنحية بريت ماكغورك وروبرت مالي، واستبدالهما بشخصيتين ديمقراطيتين، تحترمان تحالفات الولايات المتحدة.

ماكغورك ومالي، شخصيتان إشكاليتان تستندان في رسم سياساتهما على استخدام العناصر الصغرى على حسابات التحالفات الكبرى، وهو مبدأ عمل سياسي يخدم جانباً مرحلياً على حساب الجانب الاستراتيجي لتحالفات الولايات المتحدة.

إن جو بايدن معني باللحاق بقاطرة تثبيت استقرار أسعار الطاقة من جهة، ومنع الروس من احتلال أوكرانيا من جهة أخرى، فإذا لم يقم بايدن بتصحيح سياساته، واستبدال موظفيه المذكورين “ماكغورك ومالي”، فهو سيجد أمامه هزيمة مؤكدة في نوفمبر القادم، لا بل ستحدّد سياساته هذه فرص استمراره في البيت الأبيض، سواءً أعاد ترشيح نفسه للرئاسة، أم أعدّ العدة لخليفة ديمقراطي يأتي بعده.

إن الملف النووي الإيراني وفق طريقة الحل المتبعة في سياسة بايدن، لن تخدم مصالح بلاده الاستراتيجية، والدليل على ذلك امتناع دولتين هامتين في الشرق الأوسط من استقبال اتصال بايدن الهاتفي، المتعلق بطلبه ضخّ كميات ضخمة من البترول السعودي والإماراتي للمحافظة على أسعار البترول عالمياً، هذه الرؤية التي يرسمها مساعدو بايدن هي رؤية لا ترى الأمور وفق سياقاتها، بل تراه وفق رغباتها ومصالحها، دون مراعاة مصالح الحلفاء التاريخيين لأمريكا.

تصحيح السياسة الخارجية للولايات المتحدة لا ينبغي أن يرتبط بتنفيذ نجاحات صغرى ومؤقتة، بل يجب أن يرتبط بنجاحات استراتيجية تقي الولايات المتحدة من انعطافات دولية كبرى، كما يجري الآن مع الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا.

إن تغليب المصالح الضيقة والرؤى السياسية غير الكفؤة، يعني تهتيك المصالح الاستراتيجية للبلاد، وهذا التهتيك، لن يخدم لاحقاً سياسة مواجهة المدّ الدولي اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً للصين، والذي سيكون مدّاً جارفاً إذا ما استمرت سياسات التحالفات والنجاحات الصغرى على حساب التحالفات الكبرى، التي يتحذلق فيها كلٌ من بريت ماكغورك وروبرت مالي.

إذاً، سياسة الولايات المتحدة الخارجية بحاجة إلى مراجعة جادة، وبحاجة إلى تنقية حقيقية من موظفين يرون الأمر بغير المنظار الاستراتيجي، هذه السياسة ضرورة تاريخية للتغلب على التحديات الإيرانية والروسية والصينية، وضرورة لتحقيق انعطافة تعيد للولايات المتحدة حلفاءها التاريخيين مثل السعوديين والإماراتيين والأتراك.

إن بقاء اتجاهات السياسات الأمريكية الحالية على حالها يعني إضعاف الدور الريادي والقيادي لأمريكا، وهذا مطلب أعداء الديمقراطيات الغربية، من روس وإيرانيين وصينيين، وهم كلهم أنظمة تكره الديمقراطية وتحاربها، لأن الديمقراطية تجفّف وجودها وتسلطها على ثروات الشعوب.

فهل ستعتمد إدارة بايدن عملية مراجعة جوهرية، لمجمل سياساتها الخارجية، التي تبيّن أنها تفكك تحالفات أمريكا الاستراتيجية؟ أم ستستمر هذه السياسة مما يراكم من استحقاقات أمريكية بسبب سياسات خاطئة يرسمها ماكغورك ومالي؟.

ننتظر أن يستجيب الرئيس جو بايدن للمراجعة والتغيير خدمة لأمريكا العظيمة وللديمقراطية في العالم، فهل تجد أفكارنا ومطالبنا كأمريكيين طريقها إلى أذني بايدن أم ستجد من يتجاهلها؟.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني