دومينو الأسد: عندما تسقط الحصون واحدة تلو الأخرى
يبدو أن النظام السوري قد دخل مرحلة تهاويّه الحتمي، حيث تظهر المعطيات الأخيرة أن سقوطه أصبح أمراً متسارعاً، خاصة مع التحولات الميدانية الدراماتيكية في العديد من المدن السورية. في 27 تشرين الثاني 2024، بدأت عملية تحرير حلب، إحدى أبرز معاقل النظام في شمال سوريا، لتحقق الفصائل المسلحة تقدماً كبيراً. كان هذا بداية لمرحلة جديدة تشير إلى انهيار سيطرة النظام على مناطق استراتيجية، في وقت كانت حلب تمثل قلباً اقتصادياً وثقافياً له.
بعد أسبوع، جاء تحرير حماة كخطوة مفصلية أخرى نحو تهاوي النظام. انسحاب قوات النظام من محاور عديدة في حماة من بينها المناطق الشمالية، مع تقدم كبير للفصائل في عدة بلدان وبلدات ريفية، دفع حماة إلى مصاف المناطق المحررة. وتزامن هذا مع دخول حمص بعد يوم من تحرير حماة، لتصبح إحدى أبرز المدن السورية التي كانت تمثل أهمية استراتيجيّة على صعيد المواجهة العسكرية والسياسية تحت سيطرة هذه الفصائل.
ومع هذه التطورات، تكون فصائل المعارضة قد حققت انتصاراً جديداً، لم يكن ليحدث لولا التنسيق الكبير بين الفصائل المحلية وتهيئة الظروف الميدانية واللوجستية لهذه الانتصارات. فبعد حلب، تأتي حماة ثم حمص لتشكّل دومينو من التحولات العسكرية السريعة التي هزت أركان النظام السوري، حيث يسقط أحد معاقله تلو الآخر. حيث أصبحت الفصائل المعارضة تحقق تقدماً مستمراً في مناطق كانت تسيطر عليها الحكومة سابقاً، مما يعزز من فرضية أن سقوط نظام الأسد قد بدأ.
النظام في مواجهة المجهول، مع توالى سقوط المدن بيد الفصائل المعارضة يُظهر عجز النظام عن التكيف مع تطورات الساحة السورية. الانهيار ليس فقط عسكرياً، بل يمتد إلى فقدان الشرعية الشعبية داخلياً، وعجز النظام عن تقديم أي حلول سياسية أو اقتصادية. هذا السقوط المتسارع يعكس حالة الاحتقان الداخلي والضغط الخارجي الذي يواجهه النظام في هذه المرحلة الحاسمة.
لكن هل سينجح النظام في استعادة هذه الأراضي؟ الإجابة أصبحت أكثر صعوبة اليوم في ظل تراجع قدراته العسكرية وهبوط المعنويات وانتشار الفوضى في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرته. اليوم، تتجه الأنظار نحو الجنوب السوري معقل الحراك الشعبي حيث تقدم الفصائل المسلحة في درعا والسويداء يشير إلى أن الفجوة بين قوات النظام وبين فصائل المعارضة تتسع بسرعة، ومن المتوقع أن يزداد الوضع صعوبة للنظام مع تزايد التوترات داخل المناطق التي كانت تعد أساساً لمعادلة القوة العسكرية والاقتصادية في سوريا.
إن ما يحصل في سوريا اليوم لا يقتصر على تغييرات ميدانية فحسب، بل يفتح المجال لمرحلة جديدة تتشكل فيها تحالفات سياسية وعسكرية، قد تحدد شكل سوريا المستقبل. سوريا تقف على أعتاب تحول تاريخي، ومع استمرار سقوط أحجار الدومينو، يبدو أن النهاية التي حاول النظام تأجيلها قد أصبحت حقيقة لا يمكن إنكارها.