fbpx

حين يُكتب تقرير “الغيتو” في “مسجد ضرار”

0 311

السؤال الذي طرح أكثر من مرة، لماذا لم تصدر حركة العمل الوطني – وإن كان عدد أعضائها لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة – فضلاً عن المجموعة التي التفت حول بعضها بعضاً واتخذت من منزل عضو الائتلاف الوطني السابق أحمد رمضان أو كما يطلق عليه بعضهم “مسجد ضرار” مقراً لها تجتمع فيه على الدوام، لماذا لم تصدرا بيان إدانة بحق حركة حماس التي أعلنت عن نيتها إعادة العلاقة مع نظام الأسد.

جاءت الإجابة سريعة بعد زيارة أحمد رمضان إلى المملكة المغربية ولقاء شخصيات مقرّبة من حماس، ومؤمنة بها كجزء من محور المقاومة، إذ دار حديث عن الاستعانة بأحمد رمضان لتأسيس وكالة تدعم هذا المحور، ويمولها رجال أعمال سوريون ومغاربة، وهو ذات العمل الذي كان موكلاً إليه عندما اختير لإدارة وكالة القدس التابعة لحركة حماس قبل أن يصبح عضواً في المجلس الوطني السوري مع انطلاق الثورة السورية.

يبدو أنّ اللقاءات التي أجراها رمضان في المملكة المغربية مع شخصيات ذات توجه لا يقبل بالآخر شريكاً سياسياً، كانت مقدمة لانبثاق فكرة للانتقام بطريقة جديدة، من خصومه الذين لا يشبهونه، فاتّخذ من استقالة ممثل الائتلاف في واشنطن قتيبة إدلبي ذريعة لمحاربتهم، وأصدر تقريراً بعد التشاور مع عضو مجلس الكنائس “رياض الحسن” تضمن عبارات طائفية شبّه من خلالها السوريين الآشوريين باليهود، إذ وصف كتلتهم في الائتلاف الوطني بـ “الغيتو الآشوري”.

يعلم أحمد رمضان جيداً أنّ مصطلح “غيتو” استخدم في بولندا خلال الحرب العالمية الثانية، وهي المناطق المغلقة التي حشد فيها النازيون اليهود المحليين والإقليميين وأجبروهم على العيش في ظروف سيئة تمهيداً لحرقهم، وبالتالي يريد صاحبنا القول إنّ نهاية المكون الآشوري هو الحرق.

كان متوقعاً أن يتحوّل أحمد رمضان ورياض الحسن إلى معارضة المعارضة بعد فصلهما من الائتلاف الوطني، وكان متوقعاً أيضاً ألّا تلقى معارضتهما للائتلاف الوطني أي صدى، لعدم امتلاكهما أي رصيد شعبي من جهة، ولأنّهما كانا من المؤسسين لفساده منذ أن عملا سوية في المجلس الوطني، لكن لم يكن من المتوقع أبداً أنّ يتحوّل منزل رمضان أو كما يسميه بعضهم “مسجد ضرار” إلى مقر لإصدار التقارير والبيانات والتصريحات الطائفية التي تنال من مكون يعتبر أصل الحضارة السورية.

لا يختلف اثنان على أنّ الفساد استشرى في الائتلاف الوطني ويحتاج إلى معجزة إلهية للحد من انتشاره، ولم نوفر كصحفيين أي جهد للحديث عن هذا الفساد ومحاربته على وسائل الإعلام كافة، ولم أكن أنا بوارد الدخول في معركة مع ما يسمى بتيار الإصلاح والائتلاف الوطني لولا أنّ الخطاب تحوّل من معركة سياسية إلى تحريض على أساس طائفي، لكن ما نختلف عليه هو أن يقنّع هذا التحريض بقناع الثورة والوطنية وهو أبعد ما يكون عن ذلك.

لا يخفى على أحد أنّ أحمد رمضان ورياض الحسن وآخرين كانوا بالأمس القريب من أقرب المقربين لخصوم اليوم، بموافقتهم وصل أحمد رمضان إلى رئاسة مكتب الاستشارات الاستراتيجية، وبالتحالف معهم حصل رياض الحسن على 75 صوتاً في انتخابات الهيئة السياسية، فما الذي تغيّر؟ بالطبع خسارة مناصبهم التي اعتبروها تركة المجلس الوطني التي يجب ألا ينازعهم عليها أحد.

من حق التيارات السياسية أن تختلف فيما بينها وتتصارع، ولا يمكن أن نصل إلى حالة من الديمقراطية دون وجود هذا الصراع، ولا أرى أنّه فعل مستهجن إن كان هدفه تحقيق الأفضل، لاسيما إن كان صراع أفكار ورؤى، لكن يفقد هذا الصراع سمته النبيلة عندما يتحول إلى خطاب طائفي، يحرّض على إبادة الآخرين وحرقهم، بل ويفقد الخطاب تأثيره عندما يعرف الجميع أنّه كتب في “مسجد ضرار”.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني