fbpx

حين ستصمت المدافع… ماذا سيقول اللبنانيون؟

0 74

في كتابه العبودية المختارة، يقول إتيان دو لا بواسييه: “عندما يتعرض بلد ما لقمع طويل، تنشأ أجيال من الناس لا تحتاج إلى الحرية وتتأقلم مع الاستبداد، ويظهر فيها ما يمكن أن نسميه المواطن المستقر.”

لبنان، الذي عانى لعقود من الحروب والانقسامات، قد يجد نفسه أمام لحظة محورية، حيث يطرح سؤال جوهري: “ماذا سيقول الشعب اللبناني بعد توقف الحرب؟”

الفرح الممتزج بالقلق

بلا شك، سينتشر الفرح بين اللبنانيين مع انتهاء الحرب. سنوات من القصف والنزاع المسلح والفوضى ستترك الناس في حالة من الراحة المؤقتة، لكن هذا الفرح سيظل مشوبًا بالغضب والقلق. الغضب تجاه من تسببوا في الدمار، والقلق من احتمال عودة الصراع مجددًا. فالواقع يشير إلى أن توقف القتال لا يعني بالضرورة نهاية الأسباب التي أدت إليه، خاصة في ظل استمرار الهيمنة السياسية والعسكرية لحزب الله تحت غطاء “الجيش، الشعب، والمقاومة”، حيث تركت آثارًا عميقة على المجتمع.

العدالة والمحاسبة: مطلب لا يمكن تجاهله

سؤال رئيسي سيطرح نفسه بقوة: “هل سيتم محاسبة المسؤولين عن الخراب؟”

الشعب اللبناني، الذي تعرض لسنوات من التلاعب السياسي والفساد، سيطالب بمعرفة من كان وراء تفجير الأوضاع وتدمير البلاد. المطالبة بالعدالة والمحاسبة ستكون من أبرز تحديات ما بعد الحرب، إذ لن يكون من السهل طي صفحة الماضي دون محاسبة حقيقية.

إعادة البناء: الحلم والتحدي

بعد الفرح، مع توقف الصراع، سيبدأ اللبنانيون في التفكير في المستقبل. كيف سيُعاد بناء لبنان؟ وكيف يمكن تجاوز هيمنة حزب الله واستعادة السيادة الوطنية؟ ستكون الحاجة ملحة إلى خطة شاملة لإعادة الإعمار، تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

الاقتصاد اللبناني، الذي انهار بفعل الفساد والاقتصاد الموازي الذي يديره حزب الله عبر بنوك وجمعيات غير مرخصة، سيظل على رأس أولويات النقاش. استعادة الأموال المنهوبة، معالجة الإفلاس، وضمان توفير فرص العمل ستكون من أبرز القضايا التي سيناقشها الشعب بعد الحرب.

الوحدة الوطنية: أمل في مواجهة الطائفية

رغم الانقسامات الطائفية والسياسية، قد يدفع انتهاء الحرب اللبنانيين إلى البحث عن وحدة وطنية حقيقية. قد تكون هذه فرصة للتأكيد على بناء وطن مشترك يعترف بتنوعه الثقافي والديني، مع محاولات الانتفاض ضد الهيمنة الطائفية والمصالح الخارجية.

ومع ذلك، يبقى الخطر قائماً بأن تستغل بعض الأطراف الطائفية أو الخارجية هذه اللحظة لتحقيق مصالحها الخاصة، مما قد يعيد إشعال نار الانقسام الداخلي.

الخيار المصيري: بين التأقلم والثورة

في النهاية، لبنان أمام مفترق طرق. هل سيصبح المواطن اللبناني “مواطنًا مستقرًا”، يتأقلم مع الاستبداد والطائفية، أم سيغتنم الفرصة للانتفاض واستعادة حقوقه؟

هذا البلد، الذي طالما كان رمزًا للحرية والثقافة في الشرق الأوسط، قد يكون أمام فرصة ذهبية لإعادة بناء نفسه كدولة حرة وديمقراطية. لكن هذا المستقبل يعتمد بشكل كبير على وعي الشعب اللبناني واستعداده للمطالبة بتغيير حقيقي يعالج جذور الأزمات التي عانى منها طويلاً.

السؤال الذي يبقى عالقًا: “هل سيتحول هذا الفرح المؤقت إلى نهضة دائمة، أم أنه مجرد استراحة قبل عاصفة جديدة؟”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني