fbpx

حول مؤتمر بروكسل.. قراءة غير سياسية

5 191

قرأت اليوم عدداً من البيانات والتصريحات المتقاطعة حول مؤتمر بروكسل، ومنها على صحيفتكم الغراء نينار، وهي تدور بين فهم إيجابي وآخر سلبي، ومنها بيانات غاضبة تنطلق من الريبة والتحذير، كما هي عادة السوريين بعد عقد ونصف من القهر والتشرّد والعذاب، والمشاريع المحلية والدولية التي ظهرت تحت وعود كبيرة ولكنها انتهت إلى فتات.

وفي الواقع فأنا لا ألوم الناس في شكوكهم، فقد منيت هذه الثورة بسلسلة من التحديات الكبيرة ولم تنجح في تقديم قيادة حقيقية للشعب السوري تتحدث باسم الشعب المقهور، وتدافع عنه في المحافل الدولية، وتستوعب الاختلاف والتنوع ضمن أطياف الشعب السوري، ومن الطبيعي أن تكون النتائج مخيبة للآمال.

وفي قراءتي للمحاولة الجديدة في بروكسل، فقد كانت محاولة أخرى لجمع الصوت الديمقراطي في سوريا على بوصلة واحدة تهدف إلى تقديم منبر مؤثر على المستوى المحلي والدولي لشرح معاناة الشعب السوري وعذاباته.

إنها جولة أخرى من محاولات السوري التائه للوصول إلى صوت صادق يسمعه العالم ويحاوره بعد عقد ونصف من النكران والخذلان.

المشاركون من أطياف مختلفة لا يجمعهم إلا إيمانهم بوحدة الأرض السورية ووحدة المصير ووجوب التغيير، والاحتكام إلى السياق الديمقراطي.

لم يسم المؤتمر نفسه بأكثر من مسار، فهو مسار شريك للمسارات الأخرى القائمة، وهو يجتهد أن يجمع القوى الديمقراطية من أفراد وأحزاب ومؤثرين، وهو لا يلغي دور الآخرين، وإنما يعمل على التواصل معهم، وتنسيق الجهود، وبناء منصة حقيقية للتفاعل والتواصل.

وربما كان الجانب الأدعى للتفاؤل أن المشاركين لم يكونوا محض مفكرين أو فلاسفة أو منظرين وراء البحار، بل كانوا فاعلين على الأرض وبشكل خاص في الإدارة الذاتية وحراك السويداء وناشطين فاعلين في الشمال السوري، وبالفعل وجدنا أنفسنا نتعلم من صبرهم وجهادهم وتجاربهم، ونتفاءل معهم في بناء وطن حر عزيز بعيداً عن منطق النظام وبراميله التي دمرت سوريا ولم تطرح اي مبادرة للحل إلا في سياق الخضوع للدكتاتورية والاعتراف بالانتصارات العظيمة للنظام، الذي توجد فوق أرضه جيوش أجنبية إضافة إلى ما استجلبه النظام وخصومه من ميليشيات طائفية متطرفة دمّرت كل معنى للحياة في الوطن المنكوب.

ويمكنني أن أشرح أسباب تفاؤلي بعدد من النقاط التي كانت واضحة تماماً في المؤتمر:

  • التأكيد على وحدة الأرض السورية قراراً نهائياً، وتطوير الإدارة المحلية بحيث تحقق الحرية والتنمية المأمولة للأطراف.
  • رفض أي سعي يهدف إلى تدوير السلطة القائمة وبراميلها التي تسببت في دمار البلاد.
  • الإيمان ببناء الدولة وتحريم تدميرها، على الرغم من التناقض المطلق مع النظام القائم.
  • الإيمان الواضح بأن مسار هي جزء من الحراك الديمقراطي في سوريا وهي ليست كل الحراك الديمقراطي، وهي تسعى أن توحد القوى التي تؤمن بالديمقراطية وتتبناها.
  • التأكيد على أن مسار ليست في مواجهة مع أي تيارات سورية وطنية سواء كانت ذات اتجاه إسلامي أو قومي طالما كانت تؤمن بالاحتكام إلى الانتخابات وتؤمن بحق السواد الأعظم في إدارة الدولة.

المشوار طويل، ومن المتوقع أن يقدم المؤتمر خلال أسابيع مبادئه ونتائجه والتعريف بكل القوى والأحزاب المؤسسة ومبادئها وقادتها ومكاتبها السياسية، والشركاء والداعمين عبر موقع شفاف متاح لكل السوريين.

بالطبع الدور الذي قامت به الإدارة الذاتية في هذه المبادرة أساسي، ولكنها ليست وصياً على المؤتمر ولا على نتائجه ولا برامجه التي ستديرها أمانة عامة منتخبة من 21 عضواً تمثل كل القوى الديمقراطية الفاعلة في سوريا.

بالتأكيد، لست مخولاً للتحدث باسم المشاركين ولكنني متحمس لدعوة السوريين إلى دعم كل حراك نبيل، والإسهام في نجاحه، ويقيني أن نجاح هذا المسعى النبيل سيكون نقطة ضوء في آخر النفق، بعد عهد طويل من الصراع.

سأكون سعيداً لو فتحت صحيفة نينار صفحة تفاعلية نتحاور فيها مع الشعب السوري حول تفاصيل هذه المبادرة وتوضيح ما قد يكون خافياً، والإجابة عن الأسئلة المحيرة التي دفعت بعض السوريين إلى الشك في هذا المسار النبيل.

5 التعليقات
  1. مؤيد حلبي says

    أن تعمل خير من أن تبكي وتنوح
    شكرا لكل الذين اجتمعوا وحاولوا
    شرف الوثبة أن ترضي العلا *** غلب الواثب أم لم يغلب

  2. عبيدة عبد الله says

    الحرب والعنف وصلتنا لأبو عمشة والجولاني وهم نسخة أخرى من الأسد
    يا ريت هالمرة نسمع صوت حضاري مختلف ونحن متفائلين معاك

  3. Issam dimachki says

    يعطيك العافيه صديقي فقط هناك صيغه تحتاج للتدقيق الامانه العامه المنتخبه لا تمثل جميع القوى الديموقراطيه في سوريه وهي مسار من المسارات الفاعله في سوريه

  4. محمد حبش says

    الأعزاء الذين كتبوا التعليقات
    أتفق معكم فيما ذكرتموه، لا يجوز أن نحتكر الحقيقة هو مسار بين مسارات، وهناك آحرون يحاولون، ولكن يجمل الاعتراف بأننا حققنا نجاحاً في هذا السبيل ، بالطبع الحكم على هذه المبادرة سيكون بالنتائح وكلنا يعمل على الوصول لهذه الغايات النبيلة
    متى سيتعلم السوريون أن يحترموا جهد بعضهم ويرتقون بخطابهم إلى مستوى من احترام كل جهد نبيل

  5. محمد حبش says

    وإشارة الأخ العزيز عصام دمشقي في مكانها تماماً، فهو مسار بين مسارات وليس نهاية التاريخ…
    عصام هو واحد من أولئك لذين أمضوا في قاعات السجون الكئيبة أكثر من عشر سنين لسبب بسيط وهو أنهم رفعوا صوتهم ضد الاستبداد والظلم والقهر

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني