fbpx

حقوق المهاجرين في مواجهة خطاب الكراهية والعنصرية

0 192

انطلقت في الآونة الأخيرة عدة حملات ومبادرات قام بها محامين ونشطاء وشخصيات اعتبارية من السوريين والأتراك المناهضين للعنصرية من مختلف التوجهات الأيديولوجية منها مؤتمر تحت عنوان “نريد أن نعيش سوية” بمشاركة ممثلين عن أحزاب تركية وأعضاء برلمانيين وممثلين عن جمعيات ومنظمات تركية ودولية.

كما نظمت جمعية هارموني أول مناظرة في مدينة إسطنبول حول خطاب الكراهية ضد اللاجئين كلها الهدف هو إيصال رسالة للجمهور السوري تقول بأن هناك قسم من الأتراك يعمل دفاعاً عنا كسوريين، وليس كل الأتراك عنصريين، بما يرفع من معنويات أهلنا بعد الضغوط الهائلة الممارسة عليهم.

ونظم نشطاء أتراك من مختلف التوجهات الايديولوجية التركية، مبادرة بعنوان(نريد أن نعيش معا) وهي وقفة تضامنية مع اللاجئين السوريين ضد خطاب الكراهية والعنصرية المتزايدة ضدهم في تركيا، مقابل دار الأوبرا في اسطنبول الآسيوية منطقة كادي كوي.

بالمقابل اجتمع الناشط الحقوقي طه الغازي في أنقرة مع البروفيسور Ahmet Davutoğlu رئيس حزب المستقبل (Gelecek)، وشارك في اللقاء كلٌ من السيد Ümit Yardım رئيس لجنة السياسات الخارجية في الحزب والسيد Selim Temurci رئيس لجنة التشكيلات في الحزب.

وكان لحزب اليسار التركي وقفة تضامنية مع اللاجئين السوريين ضد خطاب الكراهية والعنصرية المتزايدة ضدهم في تركيا.

وأكدت جميع اللقاءات والمؤتمرات على رفض خطاب الكراهية والعنصرية الذي يستهدف اللاجئين السوريين بشكل قطعي، وأكد المشاركون الاتراك أنهم سيعملون على إلزام أحزاب تحالف المعارضة على تحييد ملف اللاجئين السوريين عن ميدان النزاعات والتباينات السياسية.

وقال المشاركون أنه من غير المنطقي ربط ارتفاع التضخم في تركيا والواقع المعيشي لدى المواطن التركي باللاجئين السوريين وأنهم ليسوا عبئاً على الاقتصاد الوطني بالمقابل لا يمكن لأي جهة أن تُلزم اللاجئين السوريين على العودة القسرية إلى بلادهم إذا لم يتحقق لهم الأمن والظروف الملاءمة لعودتهم.

ولفت المشاركون على أن مشروع العودة الطوعية يجب أن يتزامن مع تنفيذ قرار الأمم المتحددة 2254 والمتضمن آلية الانتقال السياسي في سوريا.

تأثير الإعلام في خطاب الكراهية

يقول الصحفي عماد الطواشي، عضو مجلس إدارة منظمة سونراكي sonraki Bahar بهار المختصة بقضايا اللاجئين: إن حرية التعبير لاسيما تلك الممنوحة للأفراد والإعلام هي سلاح ذو حدين وإذا ما خرجت عن الضوابط المهنية يمكن أن تساهم بشكل كبير في نشر خطاب الكراهية، وهذا ما يجري حالياً عبر تصعيد خطاب الكراهية ضد اللاجئين حول العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الإعلامية على حد سواء، وهو نتيجة طبيعية لتنامي خطاب اليمين المتطرف والشعبوية في العالم، فضلاً عن استخدام ورقة اللاجئين ضمن الصراعات السياسية.

أضاف الطواشي في هذا الوقت بالتحديد يبرز دور الإعلام الملتزم بالمبادئ والمعايير الأخلاقية في مواجهة هذا الخطاب واحترام وتطبيق حقوق اللاجئين على المستوى الفردي والاجتماعي وهو ما تساعد عليه مواثيق الشرف العالمية والمحلية التي انبرت العديد من الاتحادات والنقابات حول العالم للالتزام بها.

ويضيف الطواشي إن الحلول هي القيام بورشات عمل ومؤتمرات بين اتحادات الصحفيين في المجتمعات المضيفة مع اتحادات الصحفيين الممثلة لمجتمع اللاجئين ومشاركة منظمات المجتمع المدني فيها يمكن أن يساهم بالحد ومنع تصعيد خطاب الكراهية، ذلك عبر صياغة رسائل إعلامية تمنع التحريض والتمييز والعدوانية التي تحظرها دساتير البلدان نفسها والقانون الدولي.

يؤكد الصحفي في رابطة الصحفيين الأتراك أن تمتع الإعلام بالمسؤولية والأفراد والسياسيين وغيرهم هو الضامن الأول لمنع انتشار خطاب الكراهية فضلاً عن تفعيل القوانين التي تجرم التمييز وخطاب الكراهية في البلدان مع التأكيد أن التصــدي لخطــاب الكراهيــة لا يعنــي تقييــد حريــة التعبيــر أو حظرهــا بــل احتواء هذا المرض الذي يهدد المجتمعات في ظل أكبر موجات اللجوء حالياً حيث ثبت أن مناعتها ضعيفة تجاه هذا المرض ويجب أن تحترم التنوع وتنبذ العنصرية.

مبادرات لتخفيف الاحتقان وامتصاص موجة الغضب

وفي عام 2019 أطلقت عدة مبادرات في محاولة لتخفيف الاحتقان من قبل جهات رسمية أو مدنية تركية، لتخفيف الآثار الناتجة عن بعض الاعتداءات تجاه سوريين في تركيا.

ففي 17 من تموز من نفس العام عقدت دائرة الهجرة في “الائتلاف السوري” المعارض ورشة بحضور إعلاميين وحقوقيين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، بهدف تخفيف الاحتقان تجاه الوجود السوري في تركيا، بعد حالات اعتداءات تعرض لها لاجئون سوريون، ونظمت جمعية “أوزغور در” الوقفية التركية، في نفس الوقت وقفة تضامنية في منطقة الفاتح بإسطنبول، نادى المشاركون خلالها بشعارات التآخي مع السوريين، والرفض للأصوات التي تعاديهم. كما أطلق ناشطون وصحفيون سوريون مبادرة إعلامية تحت عنوان “أنا إنسان“، وكان الهدف منها مخاطبة الرأي العام التركي لامتصاص حالة الاحتقان ضد اللاجئين السوريين في تركيا، بعد حملات تحريض موجهة ضدهم، تسببت بموجة ترحيل تعرض لها المخالفون الذين لا يحملون بطاقة “الحماية المؤقتة” في الولايات التي يقيمون فيها.

بالمقابل يمكن لـ ”خطاب الكراهية” أن يشكّل خطراً بوجه خاص حين يسعى إلى تحريض الناس على العنف تجاه مجموعات مهمشة. إنما، حتى في أشكاله الأقل حدّة، مثل حالات الشتم المتكرر أو الافتراء أو الصور النمطية المؤذية التي قد تنشئ بيئات مشحونة بالحقد وتؤدي الى حصول تداعيات سلبية. و ”خطاب الكراهية” قد يشعر من يعاني منه بأن كرامته مهانة باستمرار وهذا قد يلحق نوعاً من الأذى النفسي به ويساهم في تعزيز نطاق تهميش الفريق المستهدف اجتماعياً وسياسياً وثقافياً واقتصادياً. لذلك من المهم أن نعترف بخطورة “خطاب الكراهية” بكل أنواعه وبأن تأمين الحماية الكافية لحقوق الإنسان يتطلب التصدي للكراهية بكل أشكالها.

والذي قد يؤدي في بعض الأحيان الى حد القتل وهذا ما حصل فعلاً في الفترة الاخيرة حيث فقد عدد من السوريين حياتهم بسبب الهجمات العنصرية من قبل بعض الشباب التركي والتي ارتفعت وتيرتها نتيجة تزايد حدة خطاب الكراهية تجاه السوريين.

ارتفاع معدل خطاب الكراهية

وسجلت الولايات التركية خلال الأشهر الفائتة، زيادة كبيرة في معدل الجرائم التي استهدفت اللاجئين السوريين، قُتل خلالها عدد من الشبان، في حوادث عنصرية، فيما طالت حوادث الاعتداء أيضاً محال ومتاجر السوريين في عدد من الولايات أبرزها أنقرة وإسطنبول.

وسبق وأن شهدت مدن كبرى في تركيا، أعمال شغب واعتداءات وحرق محال تجارية تعود ملكيتها إلى لاجئين سوريين، وذلك على خلفية حدوث إشكالات فردية بين شُبان أتراك وسوريين، وانتهت معظمها بحدوث جرائم قتل بين الطرفين.

وتُسهم أحزاب المعارضة التركية، في ازدياد حالات العنصرية في صفوف المواطنين الأتراك، وذلك بسبب تحريضهم المتواصل على التواجد السوري في تركيا، لتحقيق مكاسب سياسية في الانتخابات المقبلة، فضلاً عن قيامها بنشر معلومات كاذبة تتعلق بأعداد السوريين، والمساعدات المُقدمة لهم من قبل الدولة التركية.

ويوجد في تركيا ما يزيد عن 3.6 مليون لاجئ سوري، ما يجعلها أكثر بلدان العالم استقبالا لهم، ولوحدها تحتضن أكثر من نصف اللاجئين السوريين الذين فرّوا خارج بلدهم، والمقدر عددهم بـ 5.6 مليون.

تجريم خطاب الكراهية في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان

لقد تم تحديد المعايير الدولية بشأن مسألة “خطاب الكراهية” من خلال التوازن في المادتين 19 و20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. والضمانات السابقة هي:

الحق في حرية التعبير، ويشمل هذا الحق الحرية في التماس المعلومات وتلقيها ونقلها، والتماس الأفكار من جميع الأنواع، بصرف النظر عن الحدود…

تحدد المادة 19 القيود التي يمكن أن ترتبط بهذا الحق، بما في ذلك “احترام حقوق الآخرين أو احترام سمعتهم”.

وتنص المادة 20 على ما يلي:

1. تحظر أية دعاية للحرب بموجب القانون.

2. تحظر أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا على التمييز أو العداوة أو العنف.

ضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة 2 «حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود». وعاود الإعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة 3 ضمانة «الحق لكل فرد في الحياة والحرية وسلامة شخصه».

وأكد الإعلان في المادة 7 على أن «كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة منه دون أية تفرقة، كما أن لهم الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا». وفي المادة 18 من الإعلان تأكيد على أن «لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة». وفي المادة 19 ضمانة كافية «لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية». ونفس الشيء يتكرر في كلا المادتين 29 بكلا فقرتيها الأولى والثانية والمادة 30 أيضا من الاعلان العالمي لحقوق الانسان.

تحريض بحق اللاجئين

من أكثر الشخصيات السياسية التركية التي تركز على موضوع اللاجئين، أوميت أوزداغ، زعيم حزب النصر، وهو حزب قومي متطرف أُسس عام 2021 فقط. لا يفوّت أوزداغ أيّ مناسبة للهجوم على اللاجئين السوريين، مغذيا حملات عنصرية ضدهم.

ووصف السياسي اليميني المتطرف ذات مرة تركيا بأنها “بلد احتله اللاجئون”، ولا يقتصر في الترويج لخطاباته على كتاباته في موقع تويتر أو خطاباته أو لقاءاته مع وسائل الإعلام، بل يخرج إلى المدن التركية ليصوّر اللاجئين السوريين ويدعوهم بشكل واضح إلى العودة إلى بلدهم.

وبين استطلاع أجرته جامعة “قادر هاس” التركية، أن نسبة الرافضين لوجود اللاجئين السوريين في البلد تصل إلى 67 بالمئة عام 2019، في ارتفاع بـ10 بالمئة عن نسبة استطلاع مشابه عام 2016.

وحتى الكتلة الناخبة لحزب العدالة والتنمية لم تعد ترحب كثيرا باللاجئين السوريين، وأكدت نسبة 46.6 بالمئة منهم أن على السوريين العودة إلى بلادهم، في استطلاع رأي أجرته مؤسسة الديمقراطية الاجتماعية التركية. القانون الدولي والقانون المقارن حول خطاب الكراهية

وظهرت مجموعات عنصرية تدعو لاستخدام العنف ضد اللاجئين لإجبارهم على الرحيل، من بينها جماعة “إخوان آتامان” (Ataman Kardeşliği)، التي تحمل شعار “اقتل لأجل عرقك”. وتضم المجموعة، التي تستخدم شعارات نازية أكثر من 600 عضو، وشاركت نص العقيدة في قناتها على Telegram.

وحسب صحيفة “ايدينليك” التركية، تنشط هذه المجموعة في مدن مثل إسطنبول وأنقرة وأرزروم، وتم اعتقال العديد من أعضائها في وقت سابق، قبل الإفراج عنهم بعد فترة وجيزة. قبل فترة أغلقت حسابات جماعة “آتامان” في مواقع التواصل الاجتماعي، التي كانت منصتها التحريضية ضد اللاجئين، ثم أعادت فتحها في 14 أبريل الفائت، قبل أن تغلقها مجددا الأسبوع الماضي، وتعلن حل نفسها. وسبب الحل، وفق بيانها “تحقيق أهدافها بنشر الكراهية ضد اللاجئين العرب عامة والسوريين خصوصاً”.

ونشرت الجماعة نصها العقائدي الذي يدعو إلى استخدام العنف ضد اللاجئين، على اعتبار أن العنصرية “لا ينبغي أن تتم بالكلمات وعلى الإنترنت فقط”.

ودعت أعضاءها إلى استخدام العنف في الشوارع كونه “عاملا مهما جدا لنجاح الحركة، ففكرة الجماعة تتطلب إراقة الدماء، وأن الذين لا يستطيعون تقديم التضحيات اللازمة لهذا الفكر المقدس، ليسوا أتراكا بالنسبة لهذه الجماعة”.

ووضعت الجماعة المتطرفة، قائمة لمجتمعات اللاجئين التي ستهاجمها، بحسب الهرم المرفق، يأتي على رأسها العرب، يليهم الأكراد والأفغان، في حين ستعمل الجماعة على مهاجمة اليهود وأصحاب البشرة السمراء والإيرانيين في المرحلة الثانية، على أن تهاجم الأرمن واليونانيين والشركس والألبان خلال المرحلة الثالثة.

بيان صحفي

باريس – أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها بعنوان “الانتهاكات الفظيعة المستمرة في سوريا السبب الرئيس وراء توليد مزيد من اللاجئين” بمناسبة يوم اللاجئ والذي يصادف 20 حزيران من كل عام.

وأكد التقرير أنَّ محاولات ترحيل اللاجئين التي تقوم بها عدد من الدول الأوروبية تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، تأتي ضمنها محاولة الحكومة البريطانية نقل مجموعة من اللاجئين من بينهم لاجئين سوريين إلى أوغندا، وقد أكدت هيومان رايتس ووتش أنَّ أوغندا بلد غير آمن ويعاني سكانه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتمَّ نقد هذه الانتهاكات من قبل الحكومة البريطانية نفسها. وأضاف بأنه لا يحق لأي حكومة أن تقيّم الأوضاع في سوريا، ثم بناءً على هذا التقييم تتخذ قرارات بترحيل اللاجئين السوريين لديها إلى سوريا.

أوصى التقرير حكومات الدول التي لديها لاجئين سوريين بالتوقف عن تهديدهم المستمر بالترحيل إلى سوريا، لأنَّ ذلك يشكل مصدر قلق نفسي وتهديد للاستقرار المادي، وتعطيل لعمليات الدمج المجتمعي التي يقومون بها، كما أوصى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، باتخاذ مواقف واضحة ومتكررة وعلنية للرد على الحكومات التي تهدد اللاجئين بشكل مستمر وتتلاعب بهم وفقاً للمصالح السياسية الداخلية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني