fbpx

حقوق المرأة المطلقة في التعديلات القانونية لعام 2019

0 350

الكل يعلم أن قانون الأحوال الشخصية يختص بالمرأة والرجل على مستوى فردي أو على مستوى تكوين الأسرة، وهو أحد أهم المجالات التشريعية المنظّمة للحياة الاجتماعية، فلا أحد ينكر تأثير هذا القانون على مكانة المرأة في الأسرة والمجتمع من جهة، ومكانتها كفرد اجتماعي مثل نظيرها الرجل.

قانون الأحوال الشخصية هو من أكثر القوانين حساسية، كونه ينظم الأمور التي تتعلق بالحياة العامة والشؤون الشخصية للأفراد، إلّا أن كل النصوص التي وردت في الدساتير السورية منذ عام 1920 إلى عام 2012 الخاصة بالمرأة كانت ناقصة، وفيها تجاهل كبير لحقوق المرأة السورية، وكان واضحاً بشكل جلي إن الدولة والمجتمع تخليا عن حماية المرأة في ظل القوانين التي تحكم مفاصل حياتها وحياة أطفالها، فقد كانت القوانين غير عادلة لها ولأطفالها.

الطلاق في قانون الأحوال الشخصية، هو حق مطلق للرجل، حيث يقع بإرادته المنفردة، ولا يكون للزوجة فيه أي رأي، ولا تملك حق منعه، فهو انحلال لعقد الزواج بإرادة منفردة.

المادة 177 من قانون الاحوال الشخصية السوري قبل التعديل تنص على: أنه (إذا طلق الزوج زوجته وتبيّن للقاضي أن الزوج متعسف في طلاقها دونما سبب معقول، وأن الزوجة سيصيبها بؤس وفاقة، جاز للقاضي أن يحكم لها على مطلقها بحسب حاله ودرجة تعسفه بتعويض لا يتجاوز مبلغ نفقة ثلاث سنوات لأمثالها فوق نفقة العدة)، وللقاضي أن يجعل دفع هذا التعويض جملة أو شهرياً بحسب مقتضى الحال.

فالمشرع هنا كان يشترط إصابة المرأة بالبؤس والفاقة نتيجة ايقاع الطلاق بإرادة منفردة من قبل الزوج، وهذا فيه نوع من الظلم بحق المرأة، التي غالباً ما تفقد كل ما قدمته من أموال عينية أو نقدية أثناء الزواج،

إلا أنه في التعديل الجديد لقانون الأحوال الشخصية، فقد نصّت المادة 117 أنه (إذا طلق الزوج زوجته بإرادته المنفردة دونما سبب معقول، ومن غير طلب منها، استحقت تعويضاً من مطلقها، بحسب حالته، وبما لا يتجاوز نفقة ثلاث سنوات لأمثالها فوق نفقة العدة)

هنا نلاحظ، أن المشرّع بعد التعديل لم يشترط إصابة المرأة بالبؤس والفاقة، وبالتالي ربما يسهم ذلك في الحد من التعسف في الطلاق، الذي يمارسه الرجال.

وباعتبارأن الطلاق يقع بإرادة منفردة للرجل، فالمرأة في هذه الحالة تحصل على مهرها كامل.

أما فيما يتعلق بتطليق المرأة نفسها، فقد نصّت المادة 87 من قانون الأحوال الشخصية السوري رقم 4 لعام 2019 (أنه يحق للمرأة تطليق نفسها، بشرط ذكر ذلك صراحة في عقد الزواج عند إبرامه، والزوج هنا ملزم بتنفيذ الشرط الموقع عليه في العقد، ولا يجوز له الرجوع عنه، وعند ذكر هكذا شرط في عقد الزواج، فإنه لايجوز للزوج ايقاع الطلاق بإرادته المنفردة، لأن الأمر أصبح مرتبطاً بإرادة المرأة وحدها، فهنا لم يعد للزوج إمكانية تطليق الزوجة الممسكة بالعصمة.

أما فيما يتعلق بموضوع حضانة الأطفال، فقد كانت مدة الحضانة في قانون الأحوال الشخصية قبل التعديل تنتهي للذكر في سن الثالثة عشر، أما في قانون الاحوال الشخصية رقم 4 لعام 2019، فالحضانة تنتهي للولد (ذكر أو أنثى) في الخامسة عشرة من العمر فهذا أمر جيد نوعاً ما، إلا أنه لاتزال هناك مشكلة بأنه لايوجد بيت للحاضنة بعد الطلاق، فتضطر للتخلي عن أولادها، فالتعديل هنا لم يكن كافياً بشكل يناسب الأم الحاضنة.

ولا ننسى أيضاً المادة 128، حيث توضح هذا المادة: أنه لايوجد مساواة على أساس الدين، حيث تنص المادة أن حق الحضانة يتطلب أن تكون الأم والولد من نفس الدين بعد إتمامه الخامسة من العمر، وهذا في الواقع يُحرم المسيحية المتزوجة من مسلم من حضانة أولادها المسلمين في حال حدوث طلاق.

فمن خلال حديثنا عن التعديلات في قانون الأحوال الشخصية، يتبيّن لنا إن الأمر ليس كاملاً، فهو ناقص وكأنه لم يحدث أبداً رغم بعض الإيجابيات.

 تعديلات أخرى مطلوبة، مثل إلغاء الطلاق بالإرادة المنفردة، وأيضاً مساعدة المرأة المطلقة في حضانة أطفالها، بتأمين بيت الحاضنة.

والمرأة في الدعاوى الشرعية، (زواج، طلاق، نفقة، حضانة) هي الطرف الأضعف، ولاسيما في إجراءات التقاضي ومدتها الطويلة، وهذا يتطلب تشريع قانون إجراءات خاص بالدعاوى الشرعية، يراعى فيه مصلحة المرأة، وأيضاً تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعيا، كي تصبح قادرة على إتخاذ قراراتها المصيرية المتعلقة بحياتها بكل حرية، حتى تستمر بحياتها وحيدة مع أولادها.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني