fbpx

حركة التحرير والبناء.. أدوارٌ متعددة في إطار واحد

0 118

من يقرأ البيان التأسيسي لحركة التحرير والبناء، التي تشكّلت في شهر شباط/فبراير عام 2022م، سيعرف مما جاء فيه، أن القوى التي شكلته تعاهدت على سبع نقاط رئيسية تُحدد الاتجاه العام المرحلي والاستراتيجي لهذه الحركة.

فالحركة في البند الأول أعلنت ثباتها على مبادئ الثورة السورية، والتمسك بأهدافها لإسقاط نظام الإبادة والإجرام، والخلاص من آثاره المدمرة.

إن القول بالثبات على مبادئ الثورة يعني قبل كل شيء العمل على إسقاط نظام الاستبداد الأسدي القهري، وهذا يعني العمل مع التيارات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل الأطر ذات الطابع الفكري والاجتماعي على بناء دولة وطنية ديمقراطية تعددية.

الثبات على مبادئ الثورة يعني بالضرورة أن هذه الحركة ليست مجرد فصيل عسكري محارب، بل هي وليدة حركة الثورة وتطورها بغية بناء نظام سياسي جديد، هذا النظام لا يمكن بناؤه بغير الاعتراف بأسس الحريات السياسية، وممارسة العملية الديمقراطية، وهذا الأمر يستلزم أن تكون هناك ذراعٌ سياسية ذات رؤية وطنية لهذه الحركة.

إن ممارسة العمل العسكري ضمن الحياة الطبيعية يكون من خلال مؤسسة عسكرية وطنية احترافية واحدة، أما في حالة الثورة، فهنا الأمر يختلف، فالفصائل الثورية في كل ثورات العالم ليست مجرد تجمعٍ للمقاتلين ضد أعداء الشعب، بل هي ذات محتوى فكري سياسي تحرري.

إن حركة التحرير والبناء التي طرحت هدفها الثاني المتمثّل بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية أرضاً وشعباً، والحفاظ على مكوناته ومنع التغيير الديمغرافي، إنما كانت تريد أن تعلن انحيازها إلى دولة سورية واحدة، وهذا يعني أن تكون الجغرافية السورية جغرافية واحدة، يحكمها نظام سياسي ديمقراطي يحفظ حقوق كل مكوناتها دون تمييز.

هذه الرؤية حيال مساواة المكونات أمام نظام حكم يحترم حقوقها، إنما يدلّ على وطنية عميقة، تترك للشعب السوري اختيار قياداته السياسية ضمن إطار دستوري، وكي تتحول هذه الرؤية إلى سلوك سياسي واضح، يتطلب الأمر من الحركة بناء أوسع علاقات مع القاعدة الشعبية، علاقات محكومة بوعي سياسي متقدم.

الوعي السياسي المتقدم، يعني أن تكون لدى الحركة أداة سياسية تخدم هذه الأهداف، وحين نقول أداة سياسية فنحن نقصد وجود صيغة عمل سياسي، له إطار تنظيمي، يستطيع الدفاع عن حقوق الشعب، وأن يكون هناك برنامج عمل سياسي، يقرأ المرحلة القائمة ويقرأ احتمالات المرحلة القادمة، وهذا يتطلب معرفة البنى الاجتماعية وتطورات أوضاعها.

إن بقاء الفصائل الثورية أسيرة عملها العسكري إنما يدل على أنها ذات رؤية سياسية غائبة، وهذا يقلل من شأن كفاحها، بل ربما يدفع هذا الكفاح باتجاهات لا تتفق واهداف الثورة السورية.

فهل تمتلك حركة التحرير والبناء نواة عمل سياسي حقيقي؟ سيما وأن المنطقة المنحدرة منها هذه الحركة بحاجة إلى بديل سياسي ثوري، يغلق الباب تماماً أمام خطر البرامج السياسية، التي تحملها ميليشيا عابرة للوطنية، مثل قوات الحماية الكردية وحزبها حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD).

إن قول حركة التحرير والبناء بأنها تساهم بإقامة نظام عادل يصون حرية المواطنين وكرامتهم أساسه الحكم الرشيد، يعني بالضرورة أنها معنية بتحقيق هذا الهدف الرئيس، فنظام الحكم الرشيد يعني في جوهره أنه نظام سياسي يقوم على أسس الحريات، ويرفض الاستغلال بأشكاله كافة، مما يساهم في ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وفق هذه الرؤية، ينبغي أن تُبرز حركة التحرير والبناء فهمها الفكري السياسي لمستقبل سوريا بصورة عامة ولمستقبل منطقتها الشرقية المهمّشة عبر تاريخها الحديث، وهذا يعني العمل على تأهيل كوادرها السياسية لتعلب دوراً في مرحلة الانتقال السياسي القادمة، وفي المراحل اللاحقة لها.

فهل تضع حركة التحرير والبناء أهدافها ضمن إطار برنامجي، يتم العمل عليه على الأرض، سيما في المناطق المنحدرة عنها، ونقصد بذلك المحافظات الثلاث (دير الزور، الرقة، الحسكة)، وهل ستنشئ أداة إعلامية قادرة على التأثير وتسليط الضوء على أكاذيب المليشيات الموجودة في المنطقة، ما يسمح للقوى الشعبية بالالتفاف حول برنامجها، والكفاح ضمن مناطقها لسحق الاحتلالات الأجنبية المتمثلة بمليشيات لا تنتمي للشعب السوري وأهداف ثورته.

إنها ليست رغبة، بل أهداف وطنية تنظر من حركة التحرير والبناء العمل عليها بصورة شفافة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني