تهجير وتنكيل وتغير ديمغرافي في سوريا
منذ بداية الثورة في سوريا، وتدخل العصابات الإيرانية، أصبح هدف نظام الأسد التخلص من سكان سوريا الأحرار، ويعد النظام السوري وإيران أكثر القوى العسكرية الفاعلة على الجغرافيا السورية، التي ساهمت في عمليات التغيير الديمغرافي وتهجير السكان من منازلهم.
الجدير ذكره، أن نظام الأسد أصدر القانون رقم 10 الذي يسمح له بمصادرة أملاك السوريين في المناطق التي تمَّ تهجير سكَّانها يُلزم القانون مالكي العقارات بتقديم ما يُثبت ملكيّتهم في غضون 30 يوماً فقط، وإلّا فإنهم سيخسرون ملكيّة هذه العقارات لصالح الدولة – تمَّ تمديد فترة السماح إلى سنةٍ بعد الضجَّة العالميّة التي أحدثها صدور القانون، الذي يعني ببساطةٍ مصادرة الأسد لجميع العقارات في المناطق المناهضة له.
يشير الخبراء، إلى أنه في الفترة الأخيرة، برز مصطلح التغيير الديموغرافي، حيث تمارس سلطات النظام ممارسات قمعية ضد السكان الأصليون بشكل منهجي، لمحاولة اقتلاعهم من بيوتهم وأراضيهم، وقد تجلى ذلك في تهجير أبناء كثير من المناطق، وإحلال عائلات عناصر الميليشيات الطائفية مكانهم، ويعدّ ذلك جريمة ضد الإنسانية.
ويؤكد الخبراء، أن يحاول تقليص نسبة السُّنَّة العرب الذين من الممكن أن يشكِّلوا خطراً على حكمه، واستبدال جماعات دينية أخرى، خاصة من الأجانب و/أو المحليين من الشيعة بسكان المناطق ذات الغالبية السنية. حيث أن الحملات العسكرية التي شنت على محافظة حمص أصبحت الأن دليل على التغيير الديمغرافي في سوريا، حيث انخفض عدد سكان حمص من 1.5 مليون نسمة قبل بدء الثورة السورية، إلى حوالي 400,000 نسمة في أكتوبر/تشرين الأول 2016. تقريباً حوالي 65% من السكان الأصليين للمدينة هُجِّروا إلى البلدان المجاورة ونزحوا إلى محافظة إدلب.
ويضيف الخبراء، إلى أن منطقة القُصَيـر اجتاحتهـا ميليشـيات حـزب الله عـام 2013، وهجـرت أهلهـا، ودمـرت مسـاجدها، ومنعـت أهلهـا مـن العـودة إليهـا، ووطنـت مكانهـم شـيعة مـن ميليشـيات طائفيـة، أهمّهـا (لـواء الرضـا)، ولـم يخـفِ الحـزب نيتـه تحويلهـا إلى ملاذ آمـن للشـيعة.
وبالانتقال إلى منطقة الزبداني في ريف دمشق، قامت الميليشيات الإيرانية بالاتفاق مع سكان المدينة أُجلـي بموجبـه بعـض سـكانها المحاصريـن، مقابـل إجـلاء جرحـى مـن كفريـا والفوعـة، وفـق اتفـاق تـم التوصـل إليـه بإشـراف إيرانـي عـام 2015، لكـن الاتفـاق لـم ينـه حالـة الحصـار. وهناك مدن ومناطق أخرى تمت محاصرتها وتدميرها والتنكيل بها وتهجير أهلها، من أبرزها المعضميـة التـي دخلـت فـي هدنـة منـذ 2013، بعـد حصـار دام سـنتين كاملـتين، ومن ثم تم تهجير أهلها البالغ عـددهم حوالـي 45 ألـف نسـمة.
ويختم الخبراء، بأن التغيير الديمغرافي لديه استراتيجية نفذها النظام بعدة آليات، مثل ملاحقة الناشطين واعتقالهم وتصفيتهم، وتسريب قوائم المطلوبين لدفعهم إلى مغادرة البلاد، ثم قصف المدن وحصارها وإجراء مصالحات تفضي إلى تهجير السكان، ثم مصادرة ممتلكاتهم، ثم محاولة شرعنة انتهاك حقوق السكن بإصدار المراسيم والتشريعات، ليثبت الوقائع ويمنع فرص ودوافع عودة المهجرين، وإخلال آخرين يتبعون إيران والنظام مذهبياً وسياسياً.