fbpx

تداعيات تحولات السياسة السعودية تجاه الأزمة السورية

0 192

في الأشهر الأولى من بداية التظاهرات الشعبية ضد نظام بشار الأسد في عام 2011، تصاعد الموقف السعودي تدريجياً. في البداية، كانت الدعوات من السعودية تشمل:

دعوات ضبط النفس

  • التأكيد على ضبط النفس:
    • في بداية الأزمة، ناشدت السعودية الحكومة السورية بضبط النفس في التعامل مع المتظاهرين، متجنبة استخدام العنف المفرط الذي قد يؤدي إلى تفاقم الوضع وزيادة عدد الضحايا. عبرت السعودية عن قلقها من تصاعد العنف ودعت إلى حل سلمي للأزمة من خلال الحوار.

دعوات إلى الحوار

  • الحث على الحوار السلمي:
    • بيانات رسمية: في تصريحات رسمية، دعت السعودية إلى بدء حوار بين الحكومة السورية والمعارضة لإيجاد حل سلمي للأزمة. أكدت المملكة على أن الحوار هو السبيل الوحيد لتجنب العنف والفوضى وتحقيق الاستقرار​.

في 8 أغسطس 2011، ألقى الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية آنذاك، خطاباً مهماً يعبر فيه عن موقف المملكة تجاه الأزمة السورية. كان هذا الخطاب محورياً في تحديد موقف السعودية الرسمي من نظام بشار الأسد، خاصة مع تصاعد العنف والقمع ضد المتظاهرين في سوريا.

أبرز نقاط الخطاب الملكي

  • أكد الملك عبد الله على ضرورة وقف “آلة القتل” فوراً، مشيراً إلى أن العنف لا يمكن أن يكون حلاً للأزمة السياسية.
    • حث الملك النظام السوري على تنفيذ إصلاحات جادة وشاملة تلبي تطلعات الشعب السوري.
    • شدد على أن الإصلاحات هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والسلام في سوريا، داعياً النظام إلى البدء فوراً في إصلاحات سياسية حقيقية. ​
    • أعلن الملك عبد الله عن سحب السفير السعودي من دمشق كإجراء احتجاجي على استمرار العنف ضد المدنيين.

مع اشتداد الصراع بين المتظاهرين الذين طالبوا فقط بالحرية والكرامة، واجههم الأسد بالقتل، ونتيجة لهذا العنف المفرط من نظام الأسد، بدأ الصراع يأخذ الطابع العسكري، من خلال الجنود المنشقين من جيش الاسد، والذين أطلق عليهم فيما بعد اسم “الجيش الحر”، إلى أن ظهرت التشكيلات الإسلامية الداخلية والعابرة للحدود من خارج سوريا. كانت السعودية مشاركة في تطور الحدث السوري، حيث قدمت السعودية دعماً مالياً وعسكرياً لعدة فصائل من المعارضة السورية. كان الهدف من هذا الدعم هو إسقاط نظام بشار الأسد وتقويض النفوذ الإيراني في سوريا. من أبرز هذه الفصائل:

جيش الإسلام

  1. التنظيم والقيادة:
    1. برز جيش الإسلام كأحد أقوى الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية. قاده زهران علوش.
    1.  تلقى جيش الإسلام دعماً كبيراً من السعودية، حيث يعتبر أحد الفصائل التي تبنت رؤية سياسية معتدلة مقارنة ببعض الفصائل الأخرى المتطرفة.

الجبهة الجنوبية

  • الدعم المادي والتدريب:
    • تكونت الجبهة الجنوبية من عدة فصائل صغيرة تحمل الهوية الإسلامية، تحت مظلة واحدة بهدف تنسيق العمليات العسكرية ضد النظام.
    • دعمت السعودية هذا التحالف من خلال توفير التمويل والتدريب، بالإضافة إلى الأسلحة.

أحرار الشام

  • التوازن الإقليمي:
    • رغم أن أحرار الشام تعتبر من الفصائل الإسلامية المتشددة، إلا أنها حصلت على دعم من السعودية في إطار التوازن الإقليمي والجهود لمواجهة النفوذ الإيراني والقاعدة في سوريا.

الجبهة الإسلامية

الجبهة الإسلامية هي تحالف من عدة فصائل إسلامية معارضة للنظام السوري، تأسست في نوفمبر 2013. كانت هذه الجبهة من بين القوى الرئيسية التي حصلت على دعم من المملكة العربية السعودية خلال الحرب السورية. هدف الجبهة الإسلامية كان إسقاط نظام بشار الأسد وإقامة دولة إسلامية في سوريا.

الفصائل المكونة للجبهة الإسلامية

تضمنت الجبهة الإسلامية عدة فصائل رئيسية، منها:

  1. لواء التوحيد: كان له حضور قوي في حلب.
  2. أحرار الشام: إحدى الفصائل الإسلامية الكبيرة التي تلقت دعماً من السعودية ولعبت دوراً رئيسياً في الجبهة.
  3. جيش الإسلام: برز كقوة رئيسية في الغوطة الشرقية بدمشق، تحت قيادة زهران علوش.
  4. صقور الشام: نشطت في منطقة إدلب.

أهداف الجبهة الإسلامية

  • إسقاط النظام: كان الهدف الرئيسي للجبهة هو إسقاط نظام بشار الأسد.
  • تأسيس دولة إسلامية: كانت الجبهة تسعى لإقامة دولة إسلامية تُحكم بالشريعة.
  • التنسيق بين الفصائل: هدفت الجبهة إلى توحيد الجهود العسكرية والسياسية للفصائل الإسلامية لتحقيق أهدافها المشتركة.

يفيد بأن السعودية لم تدعم القوى الديمقراطية بالمال والسلاح.

في عام 2011 جندت السعودية الميديا الاعلامية التي تمتلكها العديد من المشايخ السلفية منهم الشيخ محمد العريفي، الشيخ سعد البريك، ضد نظام الديكتاتور الأسد، ومنها قناة صفا الفضائية، حيث كان الشيخ السوري عدنان العرعور يقدم برنامجه. هذا البرنامج كان يُبث بشكل منتظم. وكان خطابه يتسم بما يلي:

  • الخطاب الديني المتشدد: اتهم العرعور باستخدام خطاب ديني متشدد في برامجه، ما أثار مخاوف من تعزيز التطرف الديني بين الشباب السوري.
  • التوجه السلفي: بعض منتقديه يرون أن نهجه السلفي قد يساهم في زيادة التشدد الديني، ويعزز الانقسامات الطائفية.
  • التحريض المباشر على العنف: انتقد بعضهم العرعور لتحريضه المباشر على العنف ضد النظام السوري، بما في ذلك دعواته للثوار لحمل السلاح ومواجهة النظام بالقوة.
  • تأجيج الصراع: رأى منتقدون أن خطابه قد ساهم في تأجيج الصراع وزيادة العنف في سوريا، بدلاً من الدعوة إلى حلول سلمية.
  • خطاب طائفي: اتهم العرعور بإثارة الفتنة الطائفية بين السنة وباقي مكونات المجتمع السوري، مما أدى إلى تعميق الانقسامات في المجتمع السوري.

يقال ان السعودية لم تجند الميديا الإعلامية لصالح الإعلام الديمقراطي السوري.

كان الهدف المعلن من تشكيل الائتلاف الوطني السوري للثورة والمعارضة، حيث تم الإعلان عن تأسيسه في الدوحة، قطر، في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. هو توحيد مختلف الفصائل المعارضة تحت مظلة واحدة لإعطاء شرعية سياسية وعسكرية لهذه الفصائل المسلحة. ولكن من هي القوى العسكرية التي تمت اضافتها إلى الائتلاف:

1. الجيش السوري الحر (FSA)

  • التأسيس: تأسس في يوليو 2011 من قبل منشقين عن الجيش السوري.
  • الدور: لعب دوراً رئيسياً في مقاومة قوات النظام السوري وتحرير مناطق واسعة من الأراضي السورية.
  • التنسيق: انضمت العديد من الكتائب التابعة للجيش السوري الحر إلى الائتلاف الوطني لتحسين التنسيق مع الجهود السياسية والدبلوماسية.

2. الجبهة الإسلامية

  • التأسيس: تأسست في نوفمبر 2013 بعد اندماج عدة فصائل إسلامية رئيسية.
  • الفصائل المكونة: حركة أحرار الشام، لواء التوحيد، جيش الإسلام، وغيرها.
  • الأهداف: تهدف إلى إسقاط نظام الأسد وإقامة دولة إسلامية في سوريا.

3. حركة أحرار الشام

  • التأسيس: تأسست في نهاية عام 2011.
  • الدور: أصبحت واحدة من أقوى الفصائل المسلحة في سوريا، حيث شاركت في العديد من المعارك الكبرى ضد قوات النظام.
  • الانضمام: على الرغم من تشكيل الجبهة الإسلامية، حافظت حركة أحرار الشام على استقلاليتها في بعض الأحيان، لكنها كانت جزءاً من الهيكل الأوسع للمعارضة المسلحة.

4. جيش الإسلام

  • التأسيس: تأسس في سبتمبر 2013.
  • القاعدة: يعمل بشكل رئيسي في منطقة ريف دمشق.
  • الأهداف: يسعى لإسقاط النظام السوري وإقامة حكم إسلامي.

5. لواء التوحيد

  • التأسيس: تأسس في يوليو 2012 في حلب.
  • الدور: كان من بين أكبر الفصائل في شمال سوريا ولعب دوراً كبيراً في تحرير مدينة حلب قبل أن يتفكك في وقت لاحق.
  • الأهداف: يسعى لإسقاط النظام السوري وإقامة حكم إسلامي.

يذكر ان كل هذه القوى التي تم ادخالها الى الائتلاف تحمل هوية التطرف الديني.

مؤتمر الرياض 2015:

الدعوة السعودية لتشكيل هيئة التفاوض السورية في مؤتمر الرياض الأول في ديسمبر/ كانون الاول 2015 جاءت في إطار سياق معقد يشمل عوامل متعددة، بما في ذلك التنافس الإقليمي بين السعودية وقطر. كان أحد الأهداف غير المعلنة وراء هذه الدعوة هو تعزيز نفوذ السعودية في الملف السوري وتقليل التأثير القطري. وهنا بعض التفاصيل المتعلقة بهذا الجانب:

  1. التنافس الإقليمي: في فترة ما بعد 2011، برزت خلافات بين السعودية وقطر بشأن دعم الفصائل المختلفة داخل المعارضة السورية. بينما دعمت السعودية بعض الفصائل المعتدلة والمجموعات ذات الإيديولوجيا الإسلامية، بينما دعمت قطر جماعات أخرى مثل جماعة الإخوان المسلمين وبعض الفصائل الإسلامية الأكثر تشدداً.
  2. السيطرة على الملف السوري: دعوة السعودية لتشكيل هيئة التفاوض كانت جزءاً من جهودها لتوحيد المعارضة تحت قيادة أكثر توافقاً مع الرؤية السعودية. من خلال استضافة مؤتمر الرياض ودعم تشكيل هيئة التفاوض، سعت السعودية إلى تعزيز موقفها كقائد إقليمي في القضية السورية، مما يعني تقليل نفوذ قطر وغيرها من الدول ذات الأجندات المختلفة.

3. تعزيز الدور السعودي: عززت هذه الخطوة من دور السعودية كفاعل رئيسي في الأزمة السورية ومفاوضات الحل السياسي، بينما أضعفت الدور القطري إلى حد بعيد.

الكثيرون أفادوا أن الائتلاف لم يكن بحاجة إلى هيئة تفاوض، والهدف السعودي واضح.” تعبر عن المضمون الوارد في النص”.

بين عامي 2015 و2020، شهدت السياسة السعودية تغييراً تدريجياً نحو تقليص الدعم المالي والعسكري للفصائل المعارضة الاسلامية في سوريا، بما في ذلك تلك المتواجدة في درعا ودوما، ما أرغمها على المصالحة مع نظام الاسد، وترحيلها الى الشمال السوري. هذا التغيير يمكن تفسيره على النحو التالي:

التغير في الاستراتيجية السعودية:

  • إعادة التقييم: يبدو أن السعودية قد أعادت تقييم استراتيجيتها في سوريا، وقررت وقف دعم الفصائل المسلحة المباشر، ربما نتيجة لتغير ألوياتها الإقليمية والدولية وضغوط الحرب في اليمن.

التوازن مع روسيا: لتحسين العلاقات مع روسيا وتنسيق المواقف في قضايا أخرى مثل النفط (اتفاقات أوبك+)، فتجنبت السعودية خطوات تصعيدية ضد النظام السوري المدعوم من روسيا.

خلال مؤتمر “ميونيخ للأمن في 18 فبراير 2023″، صرح وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، بأن هناك “إجماعاً عربياً” على أن الوضع الراهن في سوريا لا يجب أن يستمر. هذا التصريح يمثل نقطة انطلاق للدفع الفعلي لإعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

وفي 18 أبريل 2023، استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية السعودي في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ بداية الثورة السورية عام 2011. البيان الصادر عن الخارجية السعودية بعد الزيارة أكد على مناقشة الجهود التي تسهم في “عودة سوريا إلى محيطها العربي، واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي”.

قام وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في 12 أبريل/نيسان 2023 بزيارة إلى السعودية بناءً على دعوة رسمية من نظيره السعودي فيصل بن فرحان. هذه الزيارة، أيضاً الأولى من نوعها منذ 2011، خلصت إلى الاتفاق على استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين.

عيّنت المملكة العربية السعودية د. فيصل بن سعود المجفل سفيرا للمملكة لدى الجمهورية العربية السورية، وذلك بعد حوالي 12 سنة على إغلاق سفارة المملكة في دمشق إثر ممارسات النظام السوري ضد الثورة السورية.

اللواء الدكتور فيصل بن سعود المجفل: هو مسؤول أمني سعودي شغل مناصب رفيعة في القطاع الأمني في المملكة العربية السعودية، منها مديراً للأمن العام في المملكة، ويحمل شهادة الدكتوراه في إدارة الأعمال.

يتساءل بعضهم عن الهدف من تعيين شخصية عسكرية امنية سفيرا للمملكة في سوريا.

اندلعت احتجاجات شعبية في 17 أغسطس/ أب 2023، على ارتفاع معدل التضخم وتدهور الوضع الاقتصادي في سوريا في مدينة السويداء حيث كانت تتمتع بسلميتها وحضاريتها وبمشاركة نسائية واسعة، ذات الأغلبية الدرزية، بمشاركة مئات المحتجين. تزايدت هذه التظاهرات، وبحلول 20 أغسطس/آب، ردد آلاف المتظاهرين شعارات تطالب بإسقاط حكومة الأسد.

الحراك في السويداء ضد نظام الأسد

الأهداف الرئيسية:

  1. إسقاط النظام: يهدف الحراك بشكل أساسي إلى إسقاط نظام بشار الأسد، الذي يُعتبر مسؤولاً عن القمع والفشل في تحقيق تطلعات الشعب السوري.
  2. التغيير السياسي: يسعى المحتجون إلى تحقيق تغييرات سياسية جذرية وفق القرار الاممي 2254، وتشمل إصلاحات ديمقراطية وتأسيس نظام سياسي جديد يحترم حقوق الإنسان ويضمن الحريات والكرامة للمواطنين.
  3. محاربة الفساد: يطالب الحراك بمكافحة الفساد المستشري في أجهزة الدولة ومحاسبة المسؤولين الفاسدين.
  4. تحسين الظروف المعيشية: يطالب المحتجون بتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتدهورة نتيجة السياسات الحكومية الفاشلة والصراع الطويل في البلاد.
  5. إقامة دولة علمانية: يرفع المحتجون مطالب بإقامة دولة علمانية تفصل بين الدين والدولة، مما يضمن المساواة والعدالة لجميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الطائفية.

لا يوجد أي موقف سعودي داعم، او حتى تصريح مناصر لهذا الحراك الحضاري.

الاستنتاج:

هل كانت السعودية تعمل على أن يكون النظام في سوريا منذ انطلاق الثورة نظاماً ديمقراطياً مدنياً قائماً على مبدأ المواطنة؟

هل ترغب السعودية في وجود دولة عربية ديمقراطية؟

هل تعمل السعودية في المرحلة الحالية على تقاسم النفوذ مع اللاعبين الإقليميين الآخرين في سوريا؟

المصادر:

 بي بي سي نيوز: العاهل السعودي الملك عبد الله يطلب من سوريا وقف القتل

  • بي بي سي نيوز: الأزمة السورية: دليل المعارضة المسلحة والسياسية
  • العربي الجديد: مقالات وتحليلات حول دور السعودية في تشكيل هيئة التفاوض وتأثير التنافس الإقليمي مع قطر. Al-Araby Al-Jadeed
  • الشرق الأوسط: تغطية مفصلة عن أسباب ودوافع السعودية في الساحة السورية. Asharq Al-Awsat
  • ميدل إيست آي: احتجاجات في السويداء السورية تطالب برحيل الأسد

مصادر الانتقادات:

  • بي بي سي نيوز: الملف الشخصي: الشيخ عدنان العرعور

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني