fbpx

تاء التأنيث الثائرة تهز عرش الملالي

0 313

على مر سنوات النضال وقفت نساء إيران إلى جانب رجالها في حربهم ضد استبداد أنظمتهم الحاكمة.

انخرطن بشكل مباشر في مقارعة سلطة القمع وتعدى ذلك إلى المطالبة بحقوقهن الاجتماعية والسياسية.

فكان للمرأة باع طويل في الحركات المدنية وناضلت من أجل التغيير والمشاركة بالحياة السياسية وحصّلت بعض المكاسب رغم القيود والعقبات التي حالت بينها وبين أهدافها.

اتسمت المرأة الإيرانية بالقوة والشجاعة والإرادة والريادة بحمل مشعل التغيير لتتحول إلى عدوة الخميني الأولى، في ثمانينيات القرن الماضي خرجت النساء للتظاهر ضد القوانين الصارمة بحقهن فما كان من (آية الله) الخميني إلا أن أمر الجنود بالتعري والتصدي للمظاهرة النسائية عراة، تلك هي وظيفة الباسيج قوات التعبئة الشعبية التي أسسها (روح الله)، العاملة تحت قيادة الحرس الثوري الإيراني وأحد أعمدة جمهورية الخميني وأحد مهامها مراقبة النساء في الشوارع ومعاقبة من تخالف تعاليم آية الله والمجسد لإرادته والعقوبة تطال المرافق للمرأة أباً أو زوجاً أو أخاً وبذلك يغلق باباً من الأبواب التي تؤرق وجوده.

اليوم تتبدل المواقع ويقف رجال إيران إلى جانب نسائها في ثورتهن التي أشعلتها مهسا أميني على خلفية ارتكابها جرم إظهار خصلات من شعرها لتكون هدفاً لشرطة اللاأخلاق التي ألقت القبض عليها وفارقت الحياة بعد يومين من اعتقالها، إثر تعرضها للتعذيب والضرب الشديد وليحدث مقتلها ضجة على المستويين العالمي والإيراني ولتكون مهسا أميني حديث العالم ومحل تعاطف على مستويات عالية من التمثيل السياسي والدبلوماسي فضلاً عن التعاطف الشعبي الذي شمل شرائح مختلفة التوجهات اجتمعت رغم الخلاف والاختلاف على التنديد بجريمة قتلها.

أما الشارع الإيراني فلايزال تحت تأثير الغضب الذي عبر عنه بمظاهرات دخلت أسبوعها الرابع ضد تسلط وقمع الشرطة الدينية التي تدعي تمثيل إرادة الله وتبطش باسمه.

ثار الإيرانيون في إيران المحكومة بالحديد والنار والتي ظن طغاتها أنهم أحكموا الخناق وشدوا الطوق على رقاب الشعب لكن حادثة مقتل مهسا لم ولن تمر كسابقاتها من جرائم ارتكبت بحق النساء.

صدمة الجبروت الإيراني ليست بخروج النساء بهذا الزخم وإنما بخروج الرجال ونصرتهم لمظلومية المرأة الإيرانية.

غنى شبان إيران للمرأة لأن كل فتاة إيرانية هي مشروع مهسا جديدة ضحية لنظام ملتحف بلبوس الدين.

خرج الإيرانيون مطالبين بحقوق غريبة في بلد يخفي زعماؤه رؤوسهم تحت العمائم، نادوا بحقهم بالغناء والرقص إلى جانب المحرمات الأخرى كالحرية والعدالة والمساواة، وليجد النظام الإيراني نفسه أمام مؤامرة صهيو – أميريكية هدفها النيل من وحدة البلاد والتفاف الشعب حول المرشد، ليحذو حذو ربيبه بشار الأسد بجعل دولته مرمى للمؤامرات الكونية، وهذا ما أكده الموقف الرسمي الإيراني حيث صرح إبراهيم رئيسي: أن الولايات المتحدة اعتمدت سياسة فاشلة لزعزعة استقرار بلاده وفي ذات الرواية أدانت وزارة الخارجية الإيرانية المواقف الأمريكي من الاحتجاجات في إيران معتبرة أنه يعكس رياء إدارة بايدن في ملف حقوق الانسان.

صدّرت نساء إيران للعالم ثلاث كلمات (آزادی/برای/زن) الحرية لأجل المرأة، وانتشرت عبر العالم أغنية شيروين حاجي بور التي غناها ضد مقتل مهسا وضد القوانين المجحفة بحق النساء، التي أصبحت بمثابة النشيد الرسمي للتظاهرات المطالبة بإسقاط نظام ولاية الفقيه، اجتاحت أغنية شيروين العالم لتكبل أيدي الملالي عن قتله ويتم اعتقاله وإطلاق سراحه بعد تعهده بعدم التطرق تلك المواضيع المحرمة.

جمع مقتل مهسا الإيرانيين والإيرانيات في بوتقة واحدة بل العالم أجمع مؤمنين وغير مؤمنين.

خرج التلاميذ بتظاهرات ونزعت التلميذات أغطية رؤوسهن السوداء ووقفن أمام صورة الخامنئي بتحدٍ صارخ، قصت الفتيات شعورهن وخرجن سافرات في الشوارع والساحات ووسائل المواصلات لتصلهم التهديدات عبر التلفزيون الرسمي من خلال عبارة نحن نعرفك وسنأتي إليك ليصبوا الزيت على نار الثورة المتقدة ويبلغ التحدي ذروته وتمزق صور المرشد وتطؤها الأقدام بحركة إذلال وتحقير تقول تعال نحن لا نخشاك.

صرخة نساء إيران بآلاف الصرخات لأنها صادرة من سجن اسمه الجمهورية الإسلامية الإيرانية، دولة تُعدم فيها الفتاة التي تقتل مغتصبها دولة متربعة على عرش الوحشية وغياب حقوق الإنسان والنساء خاصةً.

بذروة هذا الغليان تتحفنا صفحات على مواقع التواصل ناشطة لصالح النظام الإيراني بمقاطع فيديو وصور لفتاة تمزق المصحف وتحرقه وينسبونها لـ مهسا أميني ومقاطع أخرى لفتيات يقدن حملة لتمزيق المصاحف بمحاولة بائسة لقلب الطاولة واستدرار عواطف المتظاهرين الدينية وتخديرهم باسم الدين من جديد، أساليب دنيئة ترفّع الشعب الإيراني عنها من قبل.

لأن النساء الإيرانيات السافرات اللواتي ارتدين الحجاب تضامناً مع النساء المحجبات حين صدر قرار منع الحجاب في عهد الشاه رضا بهلوي هن أنفسهن من خلعن الحجاب تضامناً مع السافرات حين فرضه نظام الملالي مع تهديد، إما غطاء الرأس أو ضربه.

لن يسقط نظام الملالي إثر ثورة النساء وربما سيزداد معيار الوحشية الذي بلغ ذروته فهو النظام المتمرس بالقمع والظلم والمصدّر الأبرز لأساليب وأدوات قمع الاحتجاجات وله باع طويل وخبرة واسعة بتدريب النظام السوري، لكنها ستحدث شرخاً جديداً وكبيراً في الجدار الفولاذي الذي يحتمي به نظام الملالي جدار تمثيل إرادة الله والبطش باسمه وستجوب أغنية شيروين العالم لتبقي النظام القمعي تحت المجهر.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني