fbpx

بدائل الكراهية في سوريا

0 224

ظهرت من خلال الكارثة التي تشهدها سوريا على جميع الصعد، ظهرت لغة غريبة عن قيم مجتمعاتنا السورية، في الصيغة التي نحددها بـ “خطاب الكراهية” والتي تقوم على التحريض بغرض الحاق الضرر بافراد او جماعات بعينها. اضافة الى الاهانة والتحقير والحط من الكرامة . والتي تاتي على لسان شخصيات لها اعتبارها. او عبر تلك التعابير المتداولة بكثرة على صفحات التواصل الاجتماعي ، احيانا باسماء مباشرة واحيانا باسماء مستعارة ، لقد ساهمت هذه المنابر في نشر هذه الخطابات باشكالها المتنوعة ، وقد ازدادت وتيرتها بعدما فشل الحزب الشمولي في بناء الدولة الوطنية وتحقيق المواطنة المتساوية. فبات كل يعترض على حكمه يصنف كتهديد على أمن الدولة، بعد دمج الدولة في شخص زعيمها ، وتعزيزا لسلطته قام بتجزئة المجتمع واصبح الوطن جزرا وتجمعات مسيجة بسياج العداوة والخوف من الآخر المختلف، وامام هذا الواقع اصبح الكل يبحث عن مرجعيته خارج حدود الوطن ، وصار ت التهمة جماعية تنال المكون ككل، تارة باسم الانفصال والتآمر على وحدة البلاد، وتارة باسم الكفر ومعاداة الدين ، واصبح الاستبداد الممارس من الفكرين المتلازمين القومي المتعصب والديني المتزمت مدرسة لانتاج خطاب الكراهية بهدف خلق اشتباك مجتمعي واعفاء المستبد من مسؤوليته واظهاره بمظهر المخلص ، وتصاعد هذا الخطاب في سنوات الحرب الاخيرة التي لا بد ان تنتهي وفق صيغة ما ، لكن حرب الانفعالات المرافقة ستبقى وتفعل فعلها في المجتمع ، اذا لم يكن هناك مشروع مناهض للكراهية. مشروع يتيح للمجتمع فرصة اعادة بلورة هوية وطنية وبناء نظام ديمقراطي.

إن من ببن ما يعرقل مشروع التعاهد السياسي بين السوريين اليوم، هو خطاب الكراهية. هذا الذي حول الشرخ المجتمعي و السياسي إلى هويات متعارضة و غير قابلة للتوافق فيما بينها. إن لم بتم باامكاشفة والصراحة بأن الكراهية هي التي تسدّ أفق أي حوار سوري . وبدون المكاشفة لن يكون بوسع أي مشروع سياسي، مهما كان مثاليا على الورق، أن يحد من الآثار المدمرة التي أنتجتها الكراهية عبر وسائطها المتعدد: قنوات تلفزة و منصات التواصل الاجتماعي و البيانات السياسية أيضا.

إن نبذ خطاب الكراهية يتطلب توافقا معرفيا على مبادئ حقوقية جوهرية. المواطنة، و العدالة، و تحرير القوانين من المصالح الفئوية. . وضرورة وجود مشروع سياسي شامل. يعيد صياغة لغة الحوار بما يضمن الإلتزام باحترام وجود الآخر المختلف كما هو لا كما يريده الاقوى والاكثر . و يعيد مفهوم العمل ، بما يجعل البرامج التي تقدمها مجموعات سياسية مختلفة، تنفتح على بقية البرامج السياسية ويتم الاعتراف الكامل بحقوق الجميع افرادا ومكونات قومية او دينية وياخذ بعين الاعتبار هواجسها .

ان المطلوب هو منع تحول الكراهية إلى خطاب ممأسس. في ظل وجود مؤسسات تتبنى الكراهية كاستراتيجية عمل. إلى جانب اللزوم الأخلاقي و القانوني، بتجريم خطاب الكراهية. ووضع الخطط الكفيلة بابعاد المؤسسة التعليمية والمناهج التعليمية عن ما يؤسس للفكر المتطرف والمتعصب.

لقد قامت مجموعة من الشباب الكرد و العرب و السريان . بإنتاج أغانٍ مختلطة من فلكلور المنطقة. كعلامة إلى التثاقف الحاصل بين هذه المكونات في اقليم الجزيرة. و يمكننا أن نأخذ ذلك مثالا على بدائل الكراهية وبناء المحبة والوئام الاجتماعي وتعزيز ثقافة العيش المشترك و مدخلا إلى ثقافة مناهضة للتعصب القومي ، لكن ذلك يجب ان تعزز بمشروع متكامل ومصان دستوريا.

مساهمة الاستاذ نعمت داود في مبادرة “معاً في مواجهة خطاب الكراهية”, التي أطلقها اللقاء الوطني الديمقراطي وتمّ نشرها في صحيفة نينار برس بالاتفاق مع الأستاذ نعمت داود.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني