fbpx

الوجه المظلم للتكنولوجيا الرقمية..  الشائعات والتضليل في منصات (السوشال ميديا) وتأثيرها المدمّر على اللاجئين السوريين

0 99

أحدثت الثورة العلمية الرقمية للوسائل والأدوات التكنولوجية الحديثة تغييراً هائلاً على مستوى العلاقات بين الأفراد عالمياً، وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية. حيث تلعب هذه المنصات دوراً كبيراً في تشكيل الرأي العام، ونقل الأخبار بشكل سريع، لكنها أيضاً، تساهم بشكل كبير في نشر الشائعات والأخبار الزائفة والمضللة، التي تبثها جهات تستهدف من خلالها إحداث خرق على مستوى الوعي الفردي والجمعي، بما يخدم أهداف هذه الجهات السياسية أو الاقتصادية أو خلق الاضطرابات في وعي الظاهرات الاجتماعية الأكثر أهمية في حياة الناس.

أما ما يتعلق بأمور وقضايا اللاجئين السوريين، الذين يعيشون في أوضاع صعبة ومعقدة في بلدان اللجوء، يمكن أن تكون تأثيرات هذه الشائعات مدمّرة، إذا ما ترافقت بسياسات تنتهجها الدول المستضيفة لهؤلاء اللاجئين، تسبب حالة عدم الركون إلى استقرار اجتماعي منتج.

إن وسائل التواصل الاجتماعي، مثل فيسبوك وتويتر وإنستغرام، توفر منصات تتيح للمستخدمين مشاركة الأخبار والمعلومات بسرعة كبيرة. هذا الانتشار السريع يمكن أن يكون مفيداً في نقل الأخبار الحقيقية وتقديم الدعم الاجتماعي، لكنه يمكن أن يكون ضاراً عندما يتعلق الأمر بالشائعات والأخبار الزائفة. اللاجئون السوريون، الذين يعيشون في بلدان اللجوء، يكونون عرضة بشكل خاص لهذه الشائعات بسبب هشاشة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.

الشائعات التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون لها تأثيرات سلبية متعددة على اللاجئين.

أولاً: يمكن أن تزيد من التوترات بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة. كما يحدث الآن في العديد من الدول المضيفة، فعندما تنتشر شائعة غير صحيحة عن حادثة معينة تتعلق بلاجئين، يمكن أن تؤدي إلى ردود فعل عنيفة من قبل السكان المحليين. هذا النوع من التوتر الاجتماعي يمكن أن يؤدي إلى العنف والتمييز ضد اللاجئين، مما يجعل حياتهم أكثر صعوبة وخطورة.

ثانياً: الشائعات يمكن أن تؤثر على الحالة النفسية للاجئين. إذ يعيش العديد من اللاجئين في حالة من القلق وعدم اليقين بشأن مستقبلهم، والشائعات تزيد من تعميق هذا الشعور بعدم الاستقرار. على سبيل المثال، إذا انتشرت شائعة حول احتمال ترحيل جماعي للاجئين من بلد معين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى حالة من الذعر والقلق بين اللاجئين، ما يؤثر على صحتهم النفسية وقدرتهم على التكيّف مع أوضاعهم الحالية.

ثالثاً: الشائعات يمكن أن تؤثر على الدعم الذي يتلقاه اللاجئون. في بعض الأحيان، تعتمد الحكومات والمنظمات غير الحكومية على وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على معلومات حول الأوضاع الإنسانية. إذا انتشرت شائعات غير صحيحة حول استقرار الأوضاع أو تحسينها، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تقليص الدعم المقدم للاجئين، مما يزيد من معاناتهم.

الشائعات تنتشر بسرعة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وغالباً ما يصعب التحقق من صحتها. هذا يعني أن المعلومات الخاطئة يمكن أن تنتشر وتترسخ قبل أن يتمكن أحد من تصحيحها. بالإضافة إلى ذلك، الأفراد الذين ينشرون هذه الشائعات قد يفعلون ذلك بغير قصد، معتقدين أنهم ينقلون معلومات صحيحة. هذا يجعل من الضروري تعزيز الوعي بأهمية التحقق من المعلومات قبل نشرها.

التحقق المطلوب من صدقية الخبر المنشور على منصات التواصل الاجتماعي يحتاج لتوفر عدة طرق لمكافحة تأثير الشائعات على اللاجئين. أولاً، يجب على الحكومات والمنظمات غير الحكومية تعزيز جهودها لتقديم معلومات دقيقة وموثوقة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. يمكن أن تشمل هذه الجهود إنشاء صفحات رسمية على منصات التواصل الاجتماعي تكون مخصصة لنقل الأخبار والمعلومات الصحيحة حول أوضاع اللاجئين. ثانياً، يجب توعية الجمهور بأهمية التحقق من مصادر المعلومات قبل نشرها أو التفاعل معها. يمكن تحقيق ذلك من خلال حملات توعوية تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي نفسها لنشر نصائح وإرشادات حول كيفية التحقق من صحة المعلومات. ثالثاً، يمكن أن تلعب وسائل الإعلام دوراً كبيراً في مكافحة الشائعات من خلال التحقيق الصحفي الجاد ونقل الأخبار بشكل مهني ومسؤول. الصحافة الاستقصائية يمكن أن تكشف حقيقة الشائعات وتقدم للجمهور معلومات دقيقة وموثوقة.

في الختام، تلعب وسائل التواصل الاجتماعي والشائعات دوراً كبيراً في حياة اللاجئين السوريين، ما يزيد من تعقيد أوضاعهم الصعبة. إن مواجهة هذه التحديات تتطلب جهوداً مشتركة من قبل الحكومات والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمجتمعات المحلية لضمان توفير بيئة آمنة ومستقرة للاجئين. من خلال العمل معاً، يمكننا تقليل تأثير الشائعات وتحسين حياة اللاجئين، مما يسهم في تحقيق الاستقرار والسلام في المجتمعات المضيفة. إن تقديم المعلومات الصحيحة ومحاربة الشائعات يمكن أن يسهم بشكل كبير في تحسين حياة اللاجئين وتخفيف التوترات في المجتمعات المضيفة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني