fbpx

الموسيقى في صدر الإسلام

0 378

مثل شهير (أشأم من طويس) هو مثل يدل على الشؤم الذي يلازم شخصاً ما، لكن هل تعلمون من هو طويس ولماذا كان مصدر شؤم؟

إنه أشهر مطرب في صدر الإسلام اسمه الكامل عيسى بن عبدالله بن الذائب كان مولى لبني مخزوم في دار السيدة أروى أم الخليفة عثمان واشتهر بحبه للغناء فقد استهواه غناء الفرس حين كانوا يعيدون بناء الكعبة ولم يكن يعزف العود أو المعازف المعروفة ذلك الوقت وإنما آلته كانت الدف، واشتهر بتشبهه بالنساء في الملابس والحلي وتطويل الشعر وكان هذا المظهر يثير بعضهم عليه، وقد عاش طويس حتى بلغ العصر الأموي.

نعود لسبب أخذه كمثل في التشاؤم فقد حُكي عنه أنه ولد يوم وفاة النبي، وفُطم يوم مقتل أبي بكر، وختن يوم قتل عمر، وتزوج يوم قتل عثمان، وولد أول ولد له يوم مقتل علي بن أبي طالب حتى إنه قال عن نفسه يوماً: “يا أهل المدينة، توقعوا خروج الدجّال ما دمت حياً بين ظهرانيكم، فإذا مت فقد أمنتم” لكن ربما هي مجرد حكايات حول رجل مشهور في عصره فكيف لرجل يحل الشؤم أينما حل أن يكون أشهر مطربي عصره ويدخل كل بيت لإحياء الحفلات والغناء بها.

ومن أشهر مطربات عصر صدر الإسلام عزة الميلاء وهى مولاة للأنصار تتلمذت على يد المطربة رائقة وأتقنت غناء القيان أمثال سيرين (أخت ماريا القبطية) وزينب والرباب ولما وفد المغنى الفارسي (نشيط) إلى المدينة تتلمذت على يديه وأتقنت غناء الفرس وكانت تعزف على جميع الآلات الموسيقية في ذلك العصر وكانت تشتهر أيضاً بجمالها وجسدها الفارع الذى يتمايل وهى تمشي لذلك سميت بالميلاء وكان لها دار مشهورة (مدرسة لتعليم الموسيقى) تعلم أصول الغناء والعزف وقد تتلمذ على يديها مطربي العصر الأموي أمثال جميلة وابن سيريج، ويقال إن موكب حجها كان يضم أكابر وأثرياء المدينة مرافقين لها في رحلة الحج.

لم يحرّم النبي الغناء في عصره بل على العكس فقد شجع قراءة القرآن بصوت حسن وقال: “زينوا القرآن بأصواتكم” واختار بلال بن رباح ليؤذن الأذان لحسن صوته ومن قبل في إحياء حفل زفافه على السيدة خديجة بالغناء، وحين هاجر النبي استقبل بالغناء فقد غنت بنات بنو النجار طلع البدر علينا احتفالاً بوصوله المدينة، وقد شارك النبي المسلمين بالغناء أثناء حفر الخندق في غزوة الأحزاب، وأتي بعمرو بن أمية لإحياء زفاف فاطمة الزهراء، وهناك الكثير والكثير من الأمثلة التي لا تحصى في عدم تحريم النبي للغناء في صدر الإسلام منها أنه أحب الحداء في السفر فجعل البراء بن مالك حادياً للرجال وأنجشة حادياً للنساء وكان يمازحه بقوله رفقاً أنجشة بالقوارير.

وظهرت طائفة من الشعراء والمغنين في تلك الحقبة تدافع عن الإسلام مثل شاعر الرسول حسان بن ثابت والذى أهداه النبي الجارية سيرين بنت شمعون القبطية أخت ماريا القبطية زوجة النبي واللتان أهداهما مقوقس مصر للنبي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لصديقه حسان خذها لتغنى لك شعرك وتزوجها حسان بن ثابت وكانت تعزف على العود المصري ذي الرقبة الطويلة، ومن مبدعي هذا العصر المدافعين عن الإسلام كان المغنى الهندي الوافد إلى المدينة با با سونديك والذى كان يضرب على آلة الكوس في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم.

نلاحظ من رصد المعلومات السابقة أن النبي لم يحرّم الفنون بل شجع عليها فالفن يكمل نواقص الحياة وحين تكتمل الحياة فلا داعي للفنون ولأن هذا لن يحدث فلن نستطيع الاستغناء عن الفنون فهي المكمل الروحي للحياة، الفنون تطهر الروح، الفنون تسمو بالروح فوق كل دوني.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني