fbpx

المنطقة الشرقية من سوريا.. هل يغيّر تحريرها معادلات الصراع السوري؟

0 261

حين قال رئيس حركة التحرير والبناء العقيد حسين الحمادي في تغريدة له على تويتر بمناسبةٍ عزيزةٍ على السوريين: “في الذكرى الحادية عشرة على تأسيس الجيش الحر، نجدّد العهد للشعب السوري، الذي خرجنا من حنجرته وضميره الحر، بأن نستمر بحماية ثورته حتى إسقاط النظام المجرم وبناء سوريا الحرّة، وسيبقى الجيش الحر عهد الثورة الدائم الذي لا يموت”. فهو أكّد أهداف الشعب السوري بالخلاص من الاستبداد وترحيل نظامه إلى مزابل التاريخ.

الاستمرار بالثورة السورية ضرورة تاريخية، وهي ضرورة باعتبار أن مهام هذه الثورة لم تنجز بعد، فلا يمكن حذف هذه المهام، ما دامت قوة الدفع التاريخية تتحرك بهذا الاتجاه، لإنه الممر الأساسي والرئيسي نحو نقل صيرورة التطور من حالة انسداد الأفق أمامها، إلى حالة انفتاحه على إنجاز مستلزمات التطور التاريخي للبنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.

تغريدة العقيد الحمادي لم تأت دون سياق يحتاجها، فهو في تغريدة أخرى سبقت، أكّد أن حركته “حركة التحرير والبناء” التي ينحدر غالبية مقاتليها من محافظات المنطقة الشرقية الثلاث (دير الزور والرقة والحسكة) تعتبر أن “كل أشكال الإرهاب وأنواعه في سوريا مصدره الأساسي نظام الأسد المجرم، فأحزاب PYD/PKK وتنظيم داعش وأمثاله لم تكن لولا دعم نظام الطاغية، ولأجل ذلك ثورتنا المباركة مستمرة لقتالهم جميعاً”.

تغريدتا العقيد جاءتا على قاعدة رفض أي تعاون مع النظام الأسدي، لتقليص دور قسد في شرقي سوريا، هذا الدور ما كان له أن يحدث لولا التدخل الأمريكي لمساندة هذه المليشيا العابرة للوطنية السورية، والمهددة جدياً للأمن القومي التركي.

إن الاستراتيجية الناجعة لفرض الحل السياسي وفق القرار 2254 على النظام الأسدي وحلفه الروسي والإيراني، لا يمكن أن تأتي بثمارها، دون إعادة انتاج الموقف العام من المنطقة الشرقية السورية، هذا الموقف، يحتاج إلى وضع خطة تحرير للمنطقة الشرقية الغنية بالمياه والنفط والغاز والزراعة والثروة الحيوانية.

الحديث عن خطة تحرير هذه المنطقة يجب أن يحتل الأولوية في جدول أعمال الجيش الوطني السوري، وفي جدول أعمال القيادة السياسية لقوى الثورة والمعارضة “الائتلاف”، هذه الأولوية نابعة من عوامل هامة في معادلة الصراع مع النظام الأسدي وقوى الاحتلال التي تقف ضد أهداف الثورة السورية المتمركزة على الخلاص من الاستبداد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية التعددية.

لهذا لا يمكن فهم وجود حركة التحرير والبناء المنحدرة من المنطقة الشرقية خارج سياق دورها التاريخي، فهذه الحركة ولدت مكوناتها من خلال الصراع ضد وحشية النظام الأسدي ضد السوريين عموماً وضد أبناء المنطقة الشرقية خصوصاً. والسياق التاريخي يفترض أن تُعدّ الحركة نفسها لمعارك تحرير مناطقها من قبضة المليشيات الانفصالية العابرة للوطنية السورية، والمليشيات الإيرانية المعادية لبناء دولة سورية ديمقراطية مستقلة، حيث تنفّذ هذه المليشيات أجندة ملالي طهران بتحويل سوريا إلى مستعمرة إيرانية على كل الصعد.

الدولة التركية التي تعاني من إرهاب حزبي PYD/PKK معنية أن تساند بصورة فعالة الجيش الوطني السوري، وتحديداً حركة التحرير والبناء، وأن تضع استراتيجية منتجة لحل دائم في منطقة “شرقي الفرات”، هذا الحل ينبغي أن يكون على قاعدة تحرير هذه المناطق من قبضة عصابات قنديل وأذرعها في سوريا، وأن تصبح مناطق (الشمال والشمال الشرقي والغربي) من سوريا منطقة آمنة يتجه إليها كل اللاجئين السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم.

وفق هذا الفهم وهذه الرؤية، يمكن قراءة رفض بعض قادة الجيش الوطني السوري لفكرة أن النظام الأسدي يمكنه أن يسحب البساط من تحت قدمي ميليشيات PYD/PKK، فهذا النظام هو من صنع هذه الميليشيات للإجهاض على الثورة السورية، وبالتالي ففكرة دعم النظام سياسياً لطرد هذه المليشيات هي فكرة تكشف عن عدم وجود استراتيجية حقيقية للقضاء على هذه المليشيات.

إن حركة التحرير والبناء هي جيش المنطقة الشرقية من سوريا، وهي في الآن ذاته جزء من جيش الثورة السورية، ولهذا ينبغي على قادتها وضع رؤاهم للكيفية العسكرية والسياسية اللازمتين لتحرير مناطقهم من قبضة الاحتلالات، سيما وأن السوريين من أبناء هذه المناطق، والذين لا يزالون في مناطقهم يتوقون للالتحام مع جهد التحرير المنشود لينهوا عذاباتهم وقهرهم الذي يحيونه يومياً جرّاء وجود تلك المليشيات.

إن عدم وضع رؤية متكاملة لتحرير المنطقة الشرقية من سوريا، سيجعل تكلفة القضاء على المليشيات المعادية للثورة السورية، وفي مقدمتها المليشيات الانفصالية، تكلفةً باهظة، وهذا ينطبق على الدولة التركية، فكلما تأخرت بسحق مشروع هذه الفصائل المهددة لأمنها القومي كلما زادت تضحياتها في سبيل ذلك.

إن تحرير المنطقة الشرقية من سوريا يعني ببساطة تحرير أبناء المنطقة من الاحتلالات أولاً، ويعني تحرير ثروات هذه المنطقة من قبضة هذه العصابات ثانياً، واستخدامها وفق خطة متكاملة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والسياسية، وهذا يتطلب منذ الآن وضع خطة الاتصال مع أبناء المنطقة الشرقية موضع التنفيذ، تهيئة لتأطير وتنظيم عمليات مقاومة الاحتلالات، واستنزاف المليشيات، وصولاً إلى لحظة زحف جيش المنطقة الشرقية نحو مناطقه لتحريرها.

فهل نشهد بدء التحضيرات الحقيقة لتحرير المنطقة الشرقية من سوريا قريباً؟ هذا هدف رئيس ينتظره كل السوريين، وفي مقدمتهم أبناء المنطقة الشرقية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني