fbpx

المرأة السورية وحقها في منح جنسيتها لأولادها من زوج غير سوري

2 433

تعتبر حقوق المرأة في المجتمع مقياساً لدرجة تطوره، وبذلك يمكن اعتبار هذه الحقوق منظاراً، يكشف مدى تحقق الشروط الإنسانية، لمعنى المساواة بين الجنسين.
حقوق المرأة تعبّر بالضرورة عن مدى تقدم وتطور المجتمع، فالمرأة هي الركيزة الأساسية في أي مجتمع، فكلما كانت تتمتع بحقوق كاملة، تكون قد أخذت مكانتها الاجتماعية، وشغلت مساحتها الإنسانية الحقيقية، فينعكس ذلك على المجتمع، عبر استثمار طاقات المرأة، ما يعكس رقيّاً اجتماعياً.
للمرأة حقوق كثيرة مثل حقوقها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الحقوق، وهي أي المرأة، لا تزال في مجتمعنا بعيدة عن غالب هذه الحقوق بصورتها الإنسانية، حيث لا تمييز بينها وبين الرجل.
لايزال هدف المرأة في جميع المجتمعات التي تنتقص من حقوقها، هو كيفية حصولها على هذه الحقوق، وخصوصاً في المجتمعات الشرقية، حيث تسود مفاهيم المجتمع ما قبل الوطني بصيغتها القبلية والعشائرية. وهذ ما يدفعنا أن نطرح في مقالنا هذا، قضية حق المرأة بمنح جنسيتها لأولادها، والذي لم يتطرق له قانون الأحوال الشخصية السوري سابقاً، وفق نسخته الصادرة عام 1953، ولا في تعديلاته اللاحقة في قانون الأحوال الشخصية المعدل في شباط 2019م.
لكن من الواضح، أن فكرة حق المرأة بمنح جنسيتها لأولادها، تختفي خلفها بصورة غير معلنة ذهنية الذكورة في المجتمع القبلي، الذي لا يقبل أن يأتي من هو ليس من دم القبيلة، ويتقاسم معها إرثها المادي.
ولكن من المعروف ضمن القانون، أنه يحق للمرأة اختيار عملها وزواجها، ولها حقوق سياسية للمشاركة في صناعة القرار، والمساهمة في الاستفتاءات العامة والترشيح وشغل مناصب في الدولة، ولكن تبقى هذه الحقوق أقل من درجة المساواة الطبيعية في الحقوق والواجبات بين الرجل والمرأة، بسبب سيادة نمط التفكير الذكوري المختفي خلف فكر ديني لم يتوافق مع جوهر الإسلام.
القانون السوري أعطى للمرأة حقوقاً كثيرة، لكنها لم تكن شاملة متوافقة مع ما تحتاجه المرأة من مساواة في التعامل القانوني مع الرجل.
ففي شهر شباط من العام 2019 تم تعديل بعض المواد من قانون الأحوال الشخصية الصادرة بالرسوم 59 لعام 1953، ولكن هذه التعديلات بقيت دون الحد الطبيعي الذي تنتظره المرأة من هكذا تعديلات. ورغم ذلك لاتزال حقوق المرأة تثير جدلاً، على أن القانون مجحف بحقها، رغم تقدم العلم وتوسع المفاهيم، ومع ذلك لم تستطع هذه القوانين إنصافها ورفع الظلم والتجاوزات عنها.
إن قضية المرأة لاتزال تشغل بال ملايين النساء، حيث لازالت دوامة الإحباط والإحساس بالقهر تستحوذ على قسم كبير منهن، حيث لم تلق استحقاقها المطلوب من الرعاية والاهتمام، ولم تحصل على مكانتها الاقتصادية الاجتماعية والسياسية.
إن الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق المرأة، وصدور قوانين لمناهضة التمييز ضد المرأة، من قبل معظم الدول، لم توفر حقوقاً واضحة ومتفقة واقعياً مع مراعاة الصيغة الخاصة للمرأة عند تحديد مضمون الحقوق والحريات التي تتمتع بها المرأة رغم المواثيق والاتفاقات الدولية، ورغم وجود الصيغة الدولية المشار إليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام 1945.
مع ذلك لم تستطع المرأة أخذ حقوقها الكاملة، فهذه الحقوق التي تعرّف بأنها حقوق أساسية توفر حياة حرة للإنسان (الرجل والمرأة والطفل) على وجه الأرض من حق الحياة، وحق الإيمان، وحق التعليم، وحق المساواة في التكاليف والجزاء، وحقوق المرأة المذكورة في المواثيق الدولية، وأبرزها الحقوق المدنية والسياسية، والتي تتحقق بالمساواة وعدم التمييز، دون الرجوع لأي وضع خاص.
في هذا السياق ينبغي التأكيد على أن المرأة السورية لم تنل من هذه القوانين شيئاً تعتبره مهماً بالنسبة لها، ففي سورية، ترى المرأة أنه من حقها إعطاء أولادها جنسيتها، هذا الحق يحقق المساواة الطبيعية الإنسانية بينها وبين الرجل. وهو حق تراه المرأة بأنه يمنح الأمان لأولادها، ويحفظ حقوقهم كمواطنين، يمتازون بنفس امتيازات أمهم، من حقوق اقتصادية، كحق التملك والإنتاج والاستثمار والعمل.
إن كل هذه الحقوق الإنسانية، يجب أن يكفلها دستور البلاد ومجموعة قوانينه المتعلقة بالأحوال الشخصية في سوريا.
إن منح المرأة حقاً كهذا، يتوافق ويستجيب للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ويفتح المجال أمام إمكانية العيش بمستوى جيد، يستوفي الرعاية الصحية، ويوفر الرعاية الاجتماعية. مثل هذا الأمر هو محط اهتمام كبير على المستوى الوطني والدولي، في الفترة الأخيرة من هذا القرن ثمة عمل متواصل للمنظمات، التي تختص في مجال حقوق المرأة في مختلف أنحاء العالم.
وكذلك تشكلت ونشطت عدة حركات نسائية، هدفها تحسين وضع المرأة، ومناصرة حقوقها، ومناهضة التمييز ضدها، لتتمتع بحقوقها كاملة، ومساواتها مع الرجل.
هذه المرأة، التي تعاني من انتهاك لحقوقها، وتهميش دورها في معظم مجالات الحياة داخل مجتمعاتها، تسعى دائما لمناصرة قضيتها، التي تعمل دون كلل أو ملل للبناء من أجل مجتمعها.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

2 التعليقات
  1. آلاء الحسن says

    مقالة رائعة ومنصفة بحق المرأة ويجب النظر لهذا الموضوع

  2. زهرة الخزامى says

    يسعد قلبك وربي يحميكِ ويحفظك أروع كاتبة ست نضال
    ماأروع وأجمل إسلامنا في تعظيم المرأة وحقها حيث أعطاها حق المساواة، فساواها فى الحق مع غيرها، قال تعالى: «ولهن مثل الذى عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم» قال ابن كثير: فى تفسير هذه الآية، أى ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن فليؤد كل واحد منهما ما يجب عليه بالمعروف
    تحية لحضرتك غلاتي 💙👍👍👍👍 موضوع راقي

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني