المرأة السورية والتعليم.. تحديات وآفاق
تلعب المرأة السورية دوراً أساسياً في مجتمعها، إذ تشارك بفعالية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، إلا أنه، ومنذ بداية الصراع الدائر في سوريا عام 2011، شهد دورها العديد من التغيرات، حيث تعرضت لعدة صعوبات وتحديات أثرت على حياتها بشكل سلبي ومن ضمنها الحصول على التعليم.
إن التعليم هو أحد الأساسيات التي يحتاجها كل إنسان لتحقيق إمكانياته وتحقيق النجاح في الحياة، وهو يعد أيضاً من أهم الأدوات لتمكين المرأة وتعزيز حقوقها وتحقيق تمثيلها الفعال في جميع مجالات الحياة، ومع ذلك، فإن المرأة السورية تواجه نقصاً حاداً في فرص التعليم.
تقرير صادر عن اليونيسف يشير إلى أنه في عام 2019، كانت نسبة الأطفال الذين لا يتلقون التعليم في سوريا تصل إلى 36% من إجمالي عدد الأطفال المعرضين لخطر عدم الحصول على التعليم، ومعظم الأطفال الذين لا يحصلون على التعليم هم من العائلات الأكثر فقراً والذين يعيشون في المناطق النائية.
وبحسب تقرير صدر عن منظمة اليونيسف في عام 2020، يعاني أكثر من 2.1 مليون طفل سوري من العزوف عن التعليم، ومن بينهم نحو 50% من الفتيات وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الأطفال الذين لا يتلقون التعليم في سوريا تشكل أعلى نسبة بين دول العالم العربي.
وبالنسبة للفتيات والنساء، فإن التحديات التي تواجههن تعتبر أكثر حدة، حيث يواجهن عدة عوائق تحول دون تحقيق حقوقهن في التعليم، ومن بين هذه العوائق، قلة الفرص المتاحة للتعليم ونقص التمويل الكافي، إضافة إلى التحديات الثقافية والاجتماعية التي تؤثر على قدرتهن على الذهاب إلى المدارس، مثل العادات الاجتماعية والزواج المبكر.
وإن عدم حصول الفتيات والنساء على فرص التعليم يزيد من احتمالية تعرضهن للعنف والتمييز والاستغلال الجنسي، كما أن عدم حصول المرأة على التعليم يمنعها من ممارسة حقوقها المدنية والسياسية والاقتصادية بشكل كامل، مما يؤثر سلباً على تطور المجتمع، فالمرأة تشكل نصف المجتمع وبالتالي يجب علينا أن نساندها ونذلل لها الصعوبات من أجل الحصول على حقها في التعليم وتمكينها من ممارسة دورها في المجتمع الذي بدورها سينعكس ايجاباً على الأسرة التي تشكل اللبنة الأولى في المجتمع.
لذلك، فإن توفير التعليم المجاني والفعال للفتيات والنساء في سوريا وتحسين جودة التعليم هو أساسي لتمكينهن وتعزيز حقوقهن، ولتحقيق ذلك، يمكن اتخاذ عدة إجراءات وتبني سياسات تدعم دور المرأة التعليمي، مثل دعم التعليم المجاني، فزيادة الدعم المالي والتمويل للمدارس الحكومية التي توفر التعليم المجاني، من شأنه أن يزيد فرص التحاق الفتيات بالمدارس.
إطلاق مبادرات خاصة لدعم التعليم النسائي، مثل توفير المنح الدراسية للنساء اللاتي يعانين من صعوبات مالية، كما يمكن توفير فرص تعليمية مثل الدورات التدريبية والمؤتمرات والحلقات الدراسية التي تستهدف النساء والفتيات وتشجيع الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية وذلك لتشجيع النساء على المشاركة والاندماج في المجتمع وتعزيز شعورهن بالثقة في النفس.
تشجيع المدارس على توفير بيئة تعليمية آمنة ومريحة للفتيات، فالمدارس يجب أن تكون مجهزة بمرافق صحية ومكان خاص للفتيات والنساء بالإضافة إلى توفير برامج توعية للفتيات حول التحرش الجنسي وكيفية التعامل مع هذا الأمروالإبلاغ عنه في حال حدوثه.
يمكن القول بأن تحقيق المساواة بين الجنسين في التعليم هو أساسي لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة في سوريا، وهذا الأمر يحتاج إلى جهود مشتركة وتعاون من قبل جميع فاعلي المجتمع، وعلى الحكومة والمنظمات الإنسانية أن تعمل على دعم التعليم النسائي وتحسين جودة التعليم، حتى يتم تمثيل المرأة في جميع المجالات وتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع، وتحقيق الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة.
تمكين المرأة التعليمي، يؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة ومستقبل الأجيال القادمة، لذلك، يجب على الحكومة والمنظمات الإنسانية والمجتمع المدني تبني سياسات وبرامج تهدف إلى دعم التعليم النسائي وتحقيق تمثيل للمرأة في جميع مجالات الحياة.
ومن خلال توفير فرص التعليم المناسبة والبيئة الملائمة للفتيات والنساء، والتغلب على التحديات التي تواجههن، يمكن تحقيق الأهداف الإنمائية المستدامة للأمم المتحدة، وخاصة الهدف الخامس الذي يهدف إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة والفتاة، لتحقيق تغيرات إيجابية في الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في جميع أنحاء العالم.
إلا أنه وفي ظل استمرار الصراع والأوضاع الاقتصادية الصعبة في سوريا لا تزال التحديات لوصول النساء والفتيات إلى التعليم كبيرة وبحاجة لجهود مشتركة من قبل الحكومة ومنظمات المجتمع المدني.