fbpx

المال والاقتصاد…..وراء فواجع العالم

0 811

منذ الحرب العالمية الثانية، والدول الكبرى المنتصرة تتسابق من أجل بناء اقتصاد قوي، ولا تتوانى عن استخدام كل الوسائل للسيطرة على الاقتصاد العالمي.
واليوم تعدّ الصين من كبرى دول العالم اقتصادياً بعد الولايات المتحدة الأمريكية والمنافس القوي لها، هذا وقد اصبحت الحرب الاقتصادية بين بكين والبيت الأبيض على أشدها على الصعد كافةً. وتكمن الدلائل والبراهين في حرص الصين على منافستها الاقتصادية أمام الولايات المتحدة الأمريكية وخوفها الشديد من انتكاس اقتصادها وتراجعه، ما قامت به الصين مؤخراً في تعاطيها مع فيروس كورونا منذ بداية اكتشافه. كان نكرانها لوجود الفيروس مقصوداً وذلك بعد أن تحدث عنه الطبيب الصيني (لي وين ليانج) للجهات الصحية الصينية وكتب عنه على صفحات (الفيس بوك) مع مجموعة من 8 أشخاص، وأكد أيضاً في تصريحات صادمة أن الفيروس لم ينتقل من الحيوان للإنسان، والمريض الأول الذي ظهر عنده الفيروس لم يذهب إلى سوق الحيوانات مطلقاً وكذلك عائلته، و قد بدأت الأعراض تظهر في الصين منذ الأول من شهر ( ديسمبر) كانون الأول (2019 ) حينها قامت السلطات الصينية بمعاقبة الطبيب (لي وين)، هو ومن تناقل الموضوع معه، وألقت القبض عليهم جميعاً بتهمة إثارة البلبلة وترويج الإشاعات المغرضة.
يقال في المدارس الطبية “لو سمعت وقع أقدام خلفك تعتقد للوهلة الأولى أنها حوافر خيل وليست لحمار الوحش ولكن ربما تكون هي بذاتها” ولا شك أن لدى الصين خبرة سابقة بالتعامل مع فيروس السارس وهو الشقيق الأكبر لفيروس كورونا الذي ظهر في عام 2002. وقد ادعى المسؤلون الصينيون أن الحالات الجديدة في مراكزهم الطبية كانت التهاب رئوي عادي ولا يعرفون أي شيء عن الفيروس الجديد. وكشف فيما بعد ازدياد حالات العدوى من 4 أشخاص إلى العشرات، وبعد تأكدهم أن مواطنيهم في أغلب الحالات لا يستجيبون للعلاج كالمعتاد، تكتموا على انتشار العدوى وخطورتها لأسباب غير مبررة مثل إقبالهم على مناسبة مهمة في بلدهم وهي (رأس السنة القمرية).
من المؤكد أن المكاسب الاقتصادية التي توقعت الصين حصادها من حضور أعداد كبيرة من التجار اللذين جاؤوا من دول عديدة لحضور عيد رأس السنة الصينية، وما يسفر عنه هذا الحضور المهم لرجال الأعمال، من حجوزات الفنادق والطيران، بالإضافة الى الكم الهائل للإنفاق بالعملة الأجنبية وكذلك توقع انتعاش الأسواق المحلية تجارياً وصناعياً في المدن كافةً كان سبباً مغرياً لعدم التصريح والتكتم على الفيروس القاتل. بالإضافة الى رغبة المسؤولين الصينيين في قضاء عيد ربيع لا تشوبه متاعب وفوضى من قبل سبعة ملايين سائح قدموا من دول العالم كافة إلى الصين لحضور الاحتفالات بمناسبة السنة الجديدة، قبل حلول الواحد والعشرين من شهر فبراير (شباط) 2020.
لم تنتبه منظمة الصحة العالمية لتوقيت تفشي الوباء، الذي تزامن مع عودة الملايين إلى مسقط رأسهم بعد حضورهم احتفالات عيد رأس السنة القمرية، وقد كشفت البيانات أن آلاف المسافرين من الصين حملوا العدوى، وعندما أقرت الحكومة الصينية بخطر انتقال العدوى، كان الوقت قد فات وتحول الفيروس الى جائحة وتفشى حول العالم، وسقط الألوف من المصابين بالعدوى ضحية انتقال الفيروس من شخص لآخر بطرق مختلفة وسهلة. وعليه بدأت الأمور تأخذ أبعاداً جديدة، حيث أغلقت الحدود والبوابات بين الدول، وأصبحت الدول سجناً لمواطنيها إلى أجل غير مسمى. ووضعت الدول نفسها في حالة تأهب صحي قصوى. عزلت المدن عن بعضها بعضاً، توقفت الدراسة في الجامعات والمدارس وألغيت الفعاليات الفنية مثل دور الأوبرا والمهرجانات السينمائية، وأُجلت المعارض الصناعية والتجارية في جميع أنحاء العالم، أما الفعاليات والنشاطات الرياضية فقد كان التخلي عنها بسبب تفشي الوباء مخيباً لعشاقها، حتى أن الخوف من التجمعات صادر عروض دور الأزياء المشهورة في كل المدن الأوربية، واجتمع رؤساء الدول لمناقشة خطورة الوضع الصحي والاقتصادي السائد في العالم، وبحث سبل الخروج من الأزمة التي تعصف بجميع دول العالم، واقتصر الاجتماع على التخاطب عبر النت.
هذا غيض من فيض مما خلًفه تفشي الوباء.
نستطيع القول: إن كورونا هو أزمة، وهو اختبار كبير للدول التي تحاول التلاعب بمعطيات تمس البشر بشكل جوهري، منها محاولة استغلال البؤر المشتعلة في بقاع الأرض للحصول على مكاسب اقتصادية على حساب الشعوب المقهورة وإذلالها بغير حق، وذلك بالتعاون مع حكامها، كما يحدث اليوم في سوريا، وبعضها أيضاً حرص الدول على اقتصادها على حساب شعوبها، وما خوف الصين على تفوقها الاقتصادي عالمياً إلا سبباً واضحاً في تكتمها على تفشي مرض كورونا لديها والذي انقلب بشكل سلبي على اقتصادها وتسبب بموت الآلاف من مواطنيها ومواطني الدول الأخرى ومعاناتهم ومايزال. نتمنى ألا يكون هذا الوباء سبباً في انهيار الاقتصاد العالمي في المستقبل، وما حدث في (ووهان) يضع النقاط على الحروف… هي محنة كبيرة ألمّت بالبشرية جمعاء ليدرك الجميع أن الإنسان هو الأهم في أي مكان يكون في هذا العالم. لعل لنا في جائحة كورونا عبرة، وإن أي مساومة مادية على صحة الإنسان وحياته وكرامته، سيكون كارثياً على جميع الشعوب.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني