fbpx

المؤتمر الوطني السوري المنشود

0 193

هل يمكن أن يكون للسويداء، و(لجبل العرب) المشبع بالأخلاق الوطنية وللسوريين عموماً؛ أينما وجدوا في الداخل أو في بلاد المهجر، شرف الانطلاق لمؤتمر وطني سوري جامع، يشمل ويمثل كل السوريين، ويتمسك بالثوابت الوطنية وأهمها: سوريا موحدة أرضاً وشعباً، وتجاوز حالة فرض الأمر الواقع، والانتقال السياسي السلمي عبر تطبيق القرارات الدولية، وخصوصاً القرار 2254 الصادر بالإجماع بتاريخ 18 أيلول 2015م، والذي يمثل الحد الأدنى لمطالب الشعب السوري؛ والمعترف به دولياً، وهو جسر الانتقال السياسي السلمي لبناء دولة المواطنة، الدولة السورية الحديثة، دولة العدالة والمساواة وسيادة القانون، الدولة التي تعمل بدستور ينسجم مع مبادئ الشرعة الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، وهنا وقبل الاستمرار بالحديث، لا بدّ لي أن أتوجه بالتحية، تحية إجلال واحترام للحراك بل لانتفاضة السوريين في السويداء، هذا الحراك الحضاري المدني السلمي المزيّن بالوطنية ونبل الأخلاق، والذي يمثل ضمير سوريا والسوريين، ويلامس وجدان كل سوري حر أينما وجد بعيداً عن كل الأيديولوجيات السياسية والحزبية، وإذا نظرنا لما حققه هذا الحراك من نتائج ودروس مهمة، وقد استفاد من كل التجارب السابقة للثورة السورية من نجاحات واخفاقات وأخطاء، ولست الآن بصددها وهي على درجة عالية من الأهمية، وأحيي كل الجهود المبذولة لوحدة الكلمة ووحدة الإرادة والصف، ولكل القوى والفعاليات ومكونات الساحات، ساحات الكرامة والحرية في السويداء المدينة، والمدن الصغرى، والبلدات والقرى بجبل العرب الثائر، والتي تسعى لتوحيد الكلمة، ورص الصفوف، وتشكيل جسم متفق عليه، وبشكل ديمقراطي عبر الحوار المتواصل والمسؤول، لحماية الساحة وتنظيمها وصولاً لمنبر يجمع الكل، ولن نختلف على التسمية علّه يكون الناطق الرسمي باسم أحرار السويداء، كما أتوجه بتحية احترام وتقدير لكل الجهود المبذولة، والمنبثقة من كل الفعاليات السياسية والأهلية والمجتمعية والمدنية، ومن كل حر يقف في الساحة الهادفة لاستمرار الحراك وهويته الوطنية وسلميته وثوابته، بدءاً من سماحة الشيخ أبو سلمان حكمت الهجري الرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، وسماحة الشيخ أبو وائل حمود الحناوي شيخ العقل، مروراً بكل التجمعات المنبثقة من الساحة ساحة الكرامة، وخصوصاً التجمعات المهنية المتنوعة، والمكونات السياسية المهتمة والمشاركة في الانتفاضة سواء من كان منها موجودا قبل الحراك أو تشكل بعد الحراك والمنبثقة عنه، وكل الشخصيات الوطنية المستقلة المشهود لها بالدور الوطني، والداعمة للحراك والمشاركة فيه.

من خلال هذه اللوحة الرائعة للنشاط الوطني في السويداء والذي أتمنى أن يدعمه ويجمع عليه السوريون أينما وجدوا؛ أسمح لخيالي الوطني الحر أن يكون للسويداء شرف الانبثاق لمؤتمر وطني سوري جامع، ينطق باسم كل السوريين الأحرار، ويشكل قوة ضاغطة على المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة، والدول الفاعلة بالقضية السورية كي تأخذ دورها الفعلي لمساعدة السوريين للخلاص من أزمتهم المتعددة الجوانب، أزمة الاحتلالات المتعددة، والانقسامات السياسية والجغرافية، والخلاص من سلطة مستبدة أمنية، وفساد مستشرٍ حتى العظم. ووضع اقتصادي مزرٍ، ووضع اجتماعي وأخلاقي سيئ. وللضغط باتجاه تطبيق القرارات الدولية وخصوصا القرار الدولي 2254.

وهنا لا بد من السؤال: من المستفيد من تعطيل تطبيق هذا القرار؟ ولماذا تم الالتفاف عليه بمؤتمرات كمؤتمر سوتشي واسطنبول والرياض وغيرها ولم تفلح بتطبيقه؟ ولماذا لم تسر ما سمي بالسلال الأربع دفعة واحدة وبالتوازي؟ ولماذا تم العمل على هيئة التفاوض والهيئة الدستورية التي لم تنجز أي خطوة بالاتجاه الصحيح؟ وهل من المفيد تقديم سلة اللجنة الدستورية على غيرها؟ أليس ذلك تعطيلاً مقصوداً لتطبيق القرار وبنوده؟ أليس من الأجدر البدء بتشكيل حكومة انتقال وطنية مطلقة الصلاحية من أجل التحضير للمهمات الأخرى وبنود عملها واضحة وصريحة ولا تحتاج لتأويل؟.

وهذا المؤتمر يدعمه كل السوريين، والمؤتمرات السابقة والمؤسسات الموجودة كالإتلاف وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية والمؤتمرات ذات الجسم السياسي وما أكثرها. وأمام ضعف دور الإتلاف وعدم إجماع السوريين حوله، وعدم الثقة بينه وبين السوريين جدار مرتفع.

هنا يبرز بداخلي سؤال خجول: لماذا حتى اليوم لا توجد مبادرات سورية أو دولية حقيقية للتجاوب مع انتفاضة السويداء ودعمها سياسيا ومعنويا ووطنياً؟ نعم ما زالت السويداء ترفع صوتها من أجل وحدة السوريين، والالتفاف حول أهدافهم الوطنية وثوابتها. وهو حراك حتى اليوم بعيد عن كل أنواع التعصب، سواء كان دينياً أو طائفياً أو قومياً أو سياسياً أيديولوجياً، أو شعارات ضيقة ومحدودة، والأهم من كل ذلك غير مرتهن لأي أجندة دولية أو عربية أو إقليمية، وهذه ميزة هامة يجب أن نبني عليها ليكون صوت السوريين الحر والمستقل.

أيها السوريون، السويداء تناديكم من أجل العمل الجاد الهادف للتغيير الوطني الديمقراطي وبناء الدولة الديمقراطية عبر التغيير السلمي السياسي الوطني المنشود.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني