اللاذقية حواجز للنهب والتشبيح ولخدمة أبناء المسؤولين داخلها
تحول انتشار الحواجز داخل مدينة اللاذقية إلى مظهر طبيعي لدى الأهالي، إذ تم اتخاذ هذه الخطوة من قبل النظام مع بداية اندلاع الاحتجاجات المناهضة للأسد فيها ومشاركة عدة أحياء قبل حوالي تسعة أعوام، ليستخدمها النظام بهدف البحث عن المطلوبين وملاحقة معارضيه والمشاركين في هذه الاحتجاجات، لتتحول مع مرور الوقت إلى عبء كبير يثقل كاهل الأهالي في المدينة ويسبب لهم حالة من الخوف والقلق بسبب ما يتعرضون له من تشبيح عبرها فهي لم تكن يوماً لحمايتهم بل على العكس كانت مصدر الرعب الوحيد لهم.
حواجز لأصحاب السلطة
توجد هذه الحواجز في مختلف الأحياء والمناطق على مداخل المدينة ومخارجها، تختلف أعدادها وكثافة وجودها بحسب الوضع الأمني المرتبط بالمخاطر على النظام، فيزداد العدد وترتفع الكثافة مع اشتداد وتيرة المعارك وتحقيق تقدم لصالح المعارضة، أو وجود إخباريات عن مطلوبين للنظام، لكن تتميز عن باقي النقاط العسكرية التابعة للنظام بأن عناصرها من أصحاب الوساطات والسلطة في المدينة ويتم تقاسم وجود الحواجز بينهم بالتراضي ولا تتبع جميعها للجيش أو قوى الأمن فالعديد منها يتبع للشبيحة وللقوات الرديفة للنظام كالدفاع الوطني أو عناصر هلال الأسد.
يتحدث الناشط المدني المعارض محمد العبدلله وهو أحد أبناء مدينة اللاذقية الذي يقيم في مناطق سيطرة المعارضة لـ “نينار برس”: إن عناصر هذه الحواجز بمعظمهم من أبناء المسؤولين أو أصحاب السلطة الذين يقضون فترة خدمة العلم الإلزامية أو تطوعوا بشكل إرادي لحمل السلاح وكسب النفوذ وزيادة قوتهم وسلطتهم، كما هو سائد داخل المدينة فالقوة للمسلحين.
يتوسط المسؤولون لأبنائهم من أجل البقاء في إحدى هذه الحواجز بدلاً من القتال في الجبهات القتال والانخراط في المعارك التي يكون مصير من يشارك بها الموت أو الإصابة.
مضيفاً إن هذه الحواجز عدا عن الأمان الذي توفره لمن يخدم فيها فهي تتيح له الاستقرار والبقاء داخل المدينة التي يتوفر بها كل ما يحتاجه ولا يعاني مقارنة بمن يتوجه نحو الجبهات، إضافة إلى العامل الأهم وهو المرتبط بما تدرّه عليه من أموال جراء الرشاوي التي تؤخذ من أصحاب السيارات أو أمور التشبيح والنصب والاحتيال، كذلك يلعب عامل السلطة وخوف الناس من عناصرها بشكل كبير دوراً هاماً في زيادة هيبة العناصر الموجودة فيها.
تقاسم الحواجز:
يتم تقاسم هذه الحواجز بالتراضي من حيث أهمية المكان الذي توجد به ومدى سطوتها ومن هي الجهة التي سوف يتبع لها كل حاجز، فبحسب عدد من أهالي اللاذقية، فهناك فوراق كبيرة من حيث اللباس وطريقة التعامل، وأخطر هذه الحواجز تلك التي تتبع للفروع الأمنية، تليها حواجز (الشبيحة) كون عناصرها لديهم أطماع من وراء وجودهم فيها، مشيرين إلى أنها لم تكن موجودة يوماً للحفاظ على أمن وحياة الناس في المدينة بل على العكس ترتفع جرائم القتل والسرقة والنهب في ظل انتشارها بكثافة وهناك اتهامات كبيرة يتم تداولها بين الأهالي بشكل سري حول تورط عناصر منها بعدد من الجرائم التي وقعت سابقاً في المدينة، عدا عن أن خوف الأهالي منها يضطرهم إلى الابتعاد عن أماكن وجودها ويفضلون السير لمسافات طويلة عبر والطرقات الفرعية لتجنب المرور على أـحد هذه الحواجز تحسباً من تعرضهم للإهانة في أفضل الحالات.
حواجز للتشبيح:
يقتصر دور هذه الحواجز على اعتقال الأشخاص الذين يشتبه بأنهم معارضون للنظام من خلال الأسماء أو علاقات القرابة والصلة مع الأشخاص في مناطق سيطرة المعارضة أو خارج البلد، وتفتيش المارة وهواتفهم والسيارات، إضافة إلى القيام بسلب ممتلكات الناس وابتزازهم مالياً بحجج مختلفة.
يوضح محمد عمر وهو أحد سكان حي الرمل الجنوبي في المدينة لـ “نينار برس”: إن هذه الحواجز تبتز الأهالي دون أسباب مقنعة وفي مختلف الأوقات حتى لو تكرر مرورهم عليها، وذلك عبر التهديدات المتنوعة مثل البطاقة الشخصية المكسورة أو التهديد بالاعتقال… فيضطر من يقع تحت رحمة هؤلاء لدفع ما يرغبون كي يسمحون له بالمرور، فضلاً عن قيامهم بتفتيش السيارات والمارة والسطو على كل ما هو ذو قيمة، مع عدم قدرة أحد على مقاومتهم أو حتى مجرد الرد أو السؤال عن أسباب هذه التصرفات.
وتابع: إن أهالي المدينة يعرفون جيداً مصطلح التشبيح والشبيحة ويطلقونه على العصابات التي تحمل السلاح وتقوم بالاستقواء على المدنيين العزل وهم خارجون عن القانون ويتبعون للمسؤولين في المدينة ولعائلة الأسد وأقربائهم، وحالياً باتت لهم عدة حواجز يقومون عبرها بمضايقة الشابات والتحرش بهن وإذلال كبار السن وتهديدهم بأبنائهم ويعملون على ضرب وإهانة المارة والاستهزاء بهم.
تقليل للعدد:
شهدت مدينة اللاذقية في نهاية عام 2015 تقليلاً لعدد الحواجز المنتشرة فيها إذ تمت إزالة معظم الحواجز الموجودة في الساحات العامة ووسطها وجاء ذلك عقب سيطرة قوات النظام على مناطق ريف اللاذقية الشمالي التي كانت تخضع لسيطرة فصائل المعارضة ولإشعار الأهالي أن الأمان قد عاد ولا حاجة لبقاء هذه الحواجز بنفس الكثافة إذ تمت ازالة أكبرها والذي كان موجوداً في ساحة أوغاريت وساحة الشيخ ضاهر ودوار المحطة وأخرى على مداخل بعض الأحياء لكن رغم ذلك يجد الأهالي أنها تعود وبشكل غير متوقع بين الحين والآخر في حين لاتزال بعضها موجودة في مداخل المدينة وبعض النقاط بشكل ودائم لأسباب باتت معروفة لدى الناس، وليس حسب رواية النظام الكاذبة أنها موجودة لحماية الأهالي.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”