fbpx

الكوتا النسائية في سوريا الجديدة.. بين الممكن والمعوقات

0 547

المساواة بين الرجل والمرأة، أم العدالة في الإمكانات، هي ما يحكم التساؤلات العامة، بقضية الكوتا النسائية، ومدى إمكانية تحقيقها، أو حتى أسس العمل عليها. ولهذا أردنا سبر عمق هذه الفكرة في وعي نخب سورية من أجل الحصول على مؤشرات تقريبية تخدم تعميق فكرة المساواة بين الرجل والمرأة.

قانون يفرض الوجود السياسي للمرأة

مزن مرشد
صحفية وناشطة سياسية وحقوقية

الصحفية والناشطة السياسية والحقوقية مزن مرشد، تحدثت بداية عن خلفية مجتمعنا السوري بشكل عام والذي يحترم المرأة إجمالاً لكن سواده لا يقتنع بها سياسياً وإن تقبلها في مهن الطب والمحاماة في عشرين السنة الأخيرة التي سبقت الثورة، لكن رسوخ صورة المرأة العاملة فقط كمعلمة نمطت صورة المرأة في المناطق الأكثر بعداً عن المدن وفي المناطق الأكثر التزاماً أو كما وصفتها “جدلاً بتعصباً”. 

وأضافت الصحفية السورية إن هذه الحالة بالضرورة تستلزم قانوناً ضابطاً يفرض الوجود السياسي للمرأة ضمن شروط مهنية (كوتا) وتثبّت هذه النسبة في الدستور السوري كشرط أساسي لتصبح مع الوقت حالة مقبولة مجتمعياً وطبيعية، عندها فقط أي بعد هذه الممارسة وفرضها يمكن ضمان أن يكون الالتزام بالكوتا خياراً محققاً وليس فرضاً.

أما فيما يخص المساواة بين الجنسين فترى الناشطة السياسية والحقوقية أن النص التشريعي هو من ساهم وعمق في ظلم المرأة مكرساً الحيف الاجتماعي الذي وقع عليها، كذلك وجود بعض قليل ممن تصدر المشهد السياسي السوري ومن المفروض أن يكون أحد المساهمين في قوانين سوريا الجديدة، يعتقدون أن وجود النساء في السياسة سيكون خراباً على البلاد وإن كانوا يشركون قلة من النساء معهم في العمل فهو من أجل الرأي العام الغربي لا أكثر، وكل هذا يحتاج الكثير من العمل المشترك بين كل من له أي تأثير في التخطيط لسوريا المستقبل ليضمن أن تكون بلاد المواطنة والمواساة والقانون.

العقل البطريركي الذكوري مهيمن

إبراهيم الجبين
صحفي وكاتب سوري

الصحفي والكاتب السوري إبراهيم الجبين يرى أن التمييز ضد المرأة في التمثيل العام، أمر لم يعد خافياً على أحد من سكان الأرض، لكن التفكير فيه من باب التطبيق العملي وكيفية تفاعله وتطوّره مسألة أخرى. فبعضهم يرى أن التمييز لصالح المرأة أيضاً هو نوع من الخروج عن الديمقراطية والمساواة، ولكن، من ينظر إلى تاريخ تحوّل الحضور النسوي في عصرنا، سيدرك أن المسألة ليست بتلك البساطة، لأن العقل البطريركي الذكوري كما يصفه ما يزال مهيمناً على الكوكب بأسره.

ويقول الجبين لا يمكن ترك تمثيل المرأة رهناً بصندوق الانتخاب، فستكون النتائج حتماً انعكاساً للذكورية، ولذلك لابد من فرض الكوتا النسوية بشكل مسبق، كما هو مطبق دولياً، غير أنه أيضاً يعرف أن النسبة المعيارية المعتمدة دولياً هي الثلث، لكن لا يعرف إن كانت نسبة النصف موائمة لحضور المرأة في المجتمعات في الشرق الأوسط، فالمرأة هي نصف المجتمع، ولكن إتاحة النصف على شكل ”كوتا“، وعلى شكل قالب ”فوق ديمقراطي“ لا يراه الصحفي السوري يحقق الهدف، بل يفتح الباب أمام أنواع من التمييز والتمييز المضاد، ما يمكن أن يكون طريقاً نحو هدم الديمقراطية والتحوّل إلى ديمقراطية توافقية حينها، وقد تؤدي أيضا لحد ”كوتا“ للأقليات العرقية والدينية، و“كوتا“ لأصحاب الحالات الخاصة، وغيرها.

نحتاج نصاً دستورياً ينص على المساواة

دينا أبو الحُسن
كاتبة صحفية وإحدى مؤسسات اللوبي النسوي السوري

الكاتبة الصحفية وإحدى مؤسسات اللوبي النسوي السوري دينا أبو الحُسن قالت نحتاج دون شك إلى نص دستوري ينص على المساواة في التمثيل السياسي والتشريعي بين الرجال والنساء، ولكن حتى مطالبتنا بكوتا نسائية 30 بالمئة تواجه بكثير من التعنت والغضب والسخرية، لذا فإن من الضروري أن يتم نشر التوعية بالترافق مع التغيير الدستوري والقانوني، فكل جديد يقابل بالرفض إلى أن يصبح عادة. 

وأضافت مؤسِسة اللوبي النسوي أنهن كعضوات في اللوبي النسوي السوري، أثناء لقاءاتهن بمسؤولين وبرلمانيين أوروبيين يواجهن بسؤال: “ولكن الدستور السوري – وبالتالي النظام السوري – يساوي بين المرأة والرجل، أليس كذلك؟” قالت أبو الحسن كنا نجيب على السؤال بسؤال آخر: هل يحق للمرأة الترشح لمنصب رئيس الدولة؟ الدستور السوري لا يجيز ذلك، وقبل أن نصل إلى تحقيق المشاركة السياسية المتساوية بين الرجال والنساء والمواد الدستورية التي تنص عليها، علينا إلغاء كثير من المواد التمييزية في الدستور والقوانين. 

في الوقت الذي أكدت الكاتبة السورية أننا في سوريا ما زلنا في مرحلة المطالبة بأبسط الحقوق، كحق المرأة في الحياة.. مثلاً، وبدورها طرحت مؤسسة اللوبي النسوي عدة تساؤلات، هل سنتمكن من إلغاء المواد القانونية التي تعطي العذر المحل والمخفف للقتلة وتبيح قتل النساء بذريعة الدافع الشريف والغضب؟ والمواد التي تسمح أو تتغاضى عن كثير من أشكال العنف والتعنيف؟ 

أبو الحسن قالت ماذا نأمل من دستور يكتبه الروس والإيرانيون مع سوريين غير متخصصين تم اختيارهم حسب التوافقات الطائفية والسياسية؟ في دول العالم كافة تجتمع خيرة العقول لكتابة الدستور، بينما يتم تداول دستورنا القادم ككرة بين الأرجل، ما زلنا في بداية الطريق لتحقيق أي نوع من الإنصاف.

الرجل والمرأة لا يتمتعان بنفس الحقوق

باسل هيلم
نائب رئيس منبر الجمعيات السورية في اسطنبول وعضو مجلس أمناء مؤسسة زيد بن ثابت

باسل هيلم نائب رئيس منبر الجمعيات السورية في اسطنبول وعضو مجلس أمناء مؤسسة زيد بن ثابت قال: يجب المساواة بين الرجل والمرأة من ناحية الحقوق والمواطنة فهما لا يتمتعان بنفس الحقوق تماماً.

وذكر عضو مجلس أمناء مؤسسة زيد بن ثابت مثالاً من حيث تطبيق حقوق المواطنة بالمشاركة في الانتخابات والتصويت والترشح للمناصب أي كانت في سوريا (عدا رئاسة الدولة فهنا يوجد تحفظ شرعي معروف لدى الجميع بما ورد من نصوص ومن جهة أخرى التشريع الاسلامي واحدة وشعوبنا بسوادها الأعظم وغالبيتها تقع تحت هذا التشريع اعتقاداً وتديناً فنحن مجتمع إسلامي شرقي ولنا عاداتنا التي نفتخر بها، والدساتير الوضعية ومصطلحاتها من الديمقراطية وغيرها توضع لخدمة تلك الشعوب بما لا يخالف معتقادتها وقيمها وعاداتها) أما حقوق سياسية، اقتصادية، واجتماعية، تعتبر أصلاً حقاً لكل مواطن على حد سواء.

وأضاف هيلم: من الممكن للنساء تفعيل تجمعات وكوتا لتقوي موقفها وتنتخب بعضها فهذا شيء آخر وعندها إذا فاز كل المرشحين من نساء بشكل ديمقراطي فلا مشكلة، أما أن نلزم أنفسنا بكوتا للرجال أو النساء فهذا لا يليق بمجتمع يحترم تقدم الافضل والاكفأ.

ويرى نائب رئيس منبر الجمعيات أن وضع كوتا للنساء أو الرجال على حد سواء هو مشكلة كبيرة فهذا يكون مدعاة لدخول الأضعف من الكفاءات.

نافل القول المساواة بين الرجل والمرأة

أنور يونان
كاتب وصحفي سوري

الكاتب والصحفي السوري أنور يونان أكد أنه من نافل القول المساواة بين المرأة والرجل، على صعيد الحقوق والواجبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في أي دستور لسوريا، هي ضرورة لا غنى عنها لأي بلد يسعى للحاق بركب الحضارة.
لكن برأي الصحفي السوري يجب السؤال حول قدرة السوريين على اختيار وتفعيل الدستور الذي سيبني سوريا الجديدة، فهي اليوم دولة مُحتلّة من عدة دول أجنبية، وبلد مدمّر ممزق بين عدة ولاءات سورية وأجنبية، تصعب إعادة توحيدها دون الاتفاق بين دول الإحتلال، خاصة أمريكا وروسيا، على شكل الدولة القادمة.
كما أضاف يونان لا يمكن المحافظة على هذه الوحدة دون وصاية دولية مدعومة بقوات أممية تعيد النازحين والمهجرين وتعطي النساء حقوقها، وتقوم بتأهيل مؤسسات الدولة الحقوقية والعسكرية والأمنية والمجتمعية، وتشرف على إزالة أنقاض النظام القديم وبناء أسس لتسلم المرأة مكانتها ودورها القيادي في المجتمع، وهو عمل يعجز السوريون عن القيام به لوحدهم ويستغرق سنوات عديدة.
احترام النساء وإعطائهن الجزء اليسير من حقوقهن هو جل ما تطالب به المجموعات النسوية، وخاصة بحق التمثيل السياسي الذي يعارضه غالبية المجتمع المتصف بالذكورية.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني