fbpx

القطاع العقاري في شمال شرق سوريا ولهيب الأسعار

0 333

سياسة إفقار الشعب السوري ودفعه للسعي والبحث الدائم عن تحصيل لقمة عيشه كانت جزءاً من السياسة الممنهجة لسلطة البعث منذ توليها مقاليد الحكم. وشملت هذه السياسات معظم الأراضي السورية والقطاعات كافةً ومن ضمنها القطاع العقاري. 

فتأمين مسكن لأي عائلة سورية كان حلماً بل وإنجازاً عظيماً. وهي معاناة تقاسمها معظم السوريون، ومنهم أبناء المنطقة الشمالية الشرقية لسوريا، والتي بقيت معظم مدنها ذات طابع عمراني قديم وبسيط. ذلك لعدم وجود مشاريع سكنية، وفتح المجال للمستثمرين من الخارج في هذا المجال باستثناء بعض المجمعات السكنية للنقابات المهنية والحرفية، حيث يقوم العضو بدفع أقساط شهرية سنوات عدة ليتمكن من الحصول على شقة سكنية حديثة. 

استمر الحال على هذا النحو إلى أن بدأ المقاولون بمشاريع تعهدات البناء مقابل محاصصة صاحب العقار لعدد من الشقق السكنية لكل بناء. ونشطت حركة البناء، وانتعش سوق البيع والشراء، وكثرت الأبنية الحديثة. الأمر الذي دفع الحكومة التي سعت دوماً إلى منع إقامة أي مشاريع اقتصادية وصناعية وعمرانية في المنطقة إلى إصدار القانون رقم 49 لعام 2008 والذي ينص بمنع تملك العقارات المبنية وغير المبنية خارج المخططات التنظيمية للمدن والبلدات والقرى في محافظة الحسكة تحت ذريعة أنها مناطق حدودية. الأمر الذي أدى إلى توقف حركة البناء والعمران. 

واستمرت الحال حتى في السنوات الأولى من الأزمة السورية عام 2011 حتى سيطرت الإدارة الذاتية على المنطقة ولم تشهد المنطقة كغيرها من المحافظات من تدمير للحياة في مناحيها كافة وتمتعت المنطقة بحيز كبير من الأمان فشهدت المنطقة حركة عمرانية مرة أخرى وأصبحت مدنها ملاذاً آمناً للكثير من النازحين من باقي المناطق لكن ارتفاع نسبة عدد السكان المرافق لارتفاع المواد كافةً والاحتياجات شكل أزمة سكنية حقيقية وثقلاً أرهق كاهل الأهالي.

(ع.ح) 39 عاما أب لطفلين تحدث لنينار برس: “أنا مستأجر لشقة سكنية بمواصفات بسيطة منذ ثماني سنوات في القامشلي وبالرغم من عدم الرضى عن المسكن لكني لا أجرؤ على تركه لصعوبة الحصول على مسكن بديل”

وتابع “كنت بداية أدفع أجرة البيت 10 آلاف ل.س أما الآن فالمؤجر يطلب مني دفع مبلغ 65 ألف ل.س شهرياً”

ويضيف بألم “أنا موظف براتب 65 ألف شهرياً أي ما يعادل أجرة البيت لذا فأنا أقوم بأي عمل أحصل عليه إلى جانب الوظيفة بغية الحصول على لقمة طعام لعائلتي”

(أ.ب) صاحب مكتب عقاري أكد لنينار برس: “رغم تأثر القطاع العقاري بالتدهور الاقتصادي وانهيار العملة المحلية إلا أن المنطقة شهدت في السنوات السابقة حركة عمرانية وشرائية كبيرة”

وأوضح رداً على استفسارنا عن كيفية ذلك: “بداية بدأ النازحون من بقية المناطق باستئجار البيوت لكن ما لبثوا أن بدؤوا بالعمل وشراء البيوت والاستقرار فيها إضافة إلى الأموال المرسلة من قبل المهاجرين إلى الدول الأوروبية لذويهم لشراء العقارات مهما كانت الأسعار وإن كانت المنطقة مرت أكثر من مرة بفترات ركود إلا أنها تعاود النشاط مرة أخرى”

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

وعند السؤال عن أسعار العقارات واثباتات الملكية أجاب: “تختلف الأسعار بين منطقة واخرى وبناء وآخر بحسب المنطقة والمواصفات، لكن بالمجمل يتم اليوم تسعيرها بالدولار. فالشقة السكنية التي كان سعرها 10 آلاف دولار أصبحت اليوم أكثر من 20 ألف دولار وأكثر. والايجارات لا تقل عن 60 دولار عن الشهر الواحد. أما بالنسبة للرهن فيصل رهن بعض البيوت لأكثر من 10 آلاف دولار. وبالنسبة لأوراق وثبوتيات الملكية فمنها ما يصدر بقرار من المحكمة ومنها طابو أخضر وهي بحاجة لموافقات من جهات سياسية وأمنية في دمشق، وبعضها الآخر يتم باستصدار وثيقة تخصص تمنح من قبل البلدية.”

(د.د) متعهد بناء أوضح لنا “يتم الحصول على رخصة البناء والتي تمنح من قبل الإدارة الذاتية مقابل مبلغ مالي بحسب العقار، للمباشرة بعمليات البناء ويتم الاتفاق مع صاحب العقار على تقاسم الشقق السكنية للبناء بيننا وبحسب موقع العقار ومساحته فقد نأخذ النصف أو الثلثين”.

(أ. ع) معلم بيتون يبين كيفية حساب تسعيرة الشقة السكنية “

يكلف المتر المربع الواحد من البناء الجاهز ما يزيد عن 200 ألف ليرة سورية هذا سابقاً أما الآن فالأسعار مضاعفة فقد بلغ سعر الطن الواحد من الأسمنت 80 دولار وسعر الطن الواحد من الحديد وصل إلى 650 دولار وقس على ذلك بقية مواد البناء من بحص ورمل ومواد الإكساء والتجهيز فكلها تسعر بالدولار الذي لا يرحم بالإضافة لتكاليف اليد العاملة”.

نيران الأسعار تحاصر المواطن أينما اتجه. إن أراد جدراناً تأويه أو لقمة في فم أطفاله..

يعيش شبح الأسعار الجنونية مقارنة بما يتقاضاه يومياً لقاء أعمال عدة قد يقوم بها معاً ليبقى على قيد الحياة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني