fbpx

السوريون، وتساؤل المصير!

0 45

من مصلحة جميع السوريين بشكل عام، و”أبناء الساحل”، على وجه الخصوص، وضوح الرؤيا، تجنّبا لمخاطر “الاصطياد في الماء العكر”!

1- كان في مصلحة جميع السوريين دون استثناء نجاح حراك ربيع 2011 الوطني السلمي، وتحوّله إلى ثورة وطنية ديمقراطية، عبر مسار انتقال سياسي سلمي، وهيئة حكم انتقالية.

الذي قطع مسار تلك الصيرورة الوطنية هو تحالف سلطة الأسد مع ميلشيات حسن نصر الله وقاسم سليماني، بقرار “المرشد ” وبضوء أخضر أمريكي… وقد كانت الخطوة الحاسمة على مسار الخَيار العسكري الأسدي اغتيال قيادة الجيش السوري في جريمة تفجير “خلية الأزمة” صيف 2012 التي كانت تنسّق مع مصر لإيجاد تسوية سياسية، وقد ذهب ضحية التفجير رجل مصر القوي حينئذ، اللواء عمر سليمان.

بعد نجاح تحالف “الأسد – نصر الله – سليماني” في “قطع رأس” الجيش السوري، دفعوا الصراع على مسارات التطييف والميلشة، وكان الجيش السوري الهدف الاوّل، وضحية سياسات الميلشة والتطييف.

2- نجاح تحالف “أسد – نصر الله – سليماني” في تحييد الجيش السوري، ودفع الصراع السياسي على مسارات الخَيار العسكري الميليشياوي الأمني المدمّرة، فتح حدود وأبواب سوريا لجميع أصحاب مشاريع السيطرة الإقليميّة، وكانت النتيجة حتى صيف 2014 سيطرة الميليشيات، الداعمة لسلطة أسد، او التي تقاتل ضدّها، على كامل الجغرافيا السورية.

3- تدخّلت واشنطن عسكريا 2014، و نسّقت تدخّلاً روسياً 2015، ولم يكن الهدف “العودة إلى بدء” بالطبع، عبر مسار سياسي مضاد، رغم تدبيجها للقرار 2254، وخداع الرأي العام السوري. سعت واشنطن الديمقراطية إلى تقاسم سوريا مع روسيا وإيران (في مواجهة تركيا)، وكانت أداتها خليطاً من ميلشيات مدعومة من إيران والنظام السوري، تحوّلت لاحقا إلى “قوات سوريا الديمقراطية”، بينما كانت أداة إيران والأسد “ميلشيات الحشد الشعبي وحزب الله وبقايا الجيش السوري”. ما بين تلك القوتين الرئيسيتين، ظهرت “فصائل ” هيئة تحرير الشام “و “الجيش الوطني”.

4- بين نهاية 2019، وبداية الحرب الإسرائيلية ضد مرتكزات شبكة السيطرة الإيرانية في أعقاب هجوم طوفان الأقصى، 7 أكتوبر 2023، كانت قد استقرّت ميليشات سلطة “الأسد – نصر الله – الحرس الثوري” على مناطق سوريا المفيدة (الحصّة التشاركية – أسد – بوتين – نصر الله – الحرس الثوري)، كما استقرّت ميليشيا “قسد” على مناطق الحصة “الأمريكية – الأسدية” في “إقليم شمال وشرق سوريا”، وسلطة “هيئة تحرير الشام” على مناطق سيطرة “حكومة الإنقاذ” في إدلب، وحاولت تركيا خلق حالة استقرار على مناطق سيطرتها عبر إعادة تأهيل ميلشيات “الجيش الوطني”! وكان يمكن لخارطة السيطرة الجيو ميليشاوية أن تستمر، وتستقر، الى تاريخ غير محدد.

5- أدّت مجموعة عوامل (الحروب العدوانية الإسرائيلية المستمرّة والمتصاعدة منذ الثامن من أكتوبر 2023، عواقب تورّط الجيش الروسي في حرب أوكرانيا منذ أكتوبر 2022، وسياسات النهب التشاركي – الأسدي – البوتيني والإيراني، وسقوط مشروع إدارة بايدن الديمقراطية، بفوز ترامب) إلى إنهاك شبكة السيطرة على مناطق “سوريا المفيدة”، وشجّعت تطلّعات القوى المنافسة في مناطق السيطرة الأخرى لتوسيع مناطق سيطرتها. في ضوء عوامل السياق والحيثيات السابقة، أطلقت قيادة “هيئة تحرير الشام” معارك “رد العدوان” في 27 نوفمبر، في محاولة لتوسيع حدود سيطرتها على حساب تحالف “أسد – بوتين – قسد – وإيران”، وقد شجّعها حالة الانهيار غير المتوقّعة في ميلشيات الخصوم إلى دخول حلب، ومتابعة تقدّمها إلى حماة وحمص ودمشق، كما شجّعتها انتصاراتها السريعة على تحرير أجزاء استراتيجية في مناطق سيطرة قسد – دير الزور.

6- انهيار شبكة سلطة أسد في صبيحة الثامن من ديسمبر، قبل دخول “جيش” قيادة العمليات العسكرية إلى دمشق، ومن ثمّ سيطرتها السلمية على العاصمة، ومراكز المحافظات بطريقة منضبطة، وسلوك وطني، وما رافقها من دعم شعبي واسع النطاق، أعطى قيادة العمليات العسكرية والسياسية الفضل الرئيسي في إسقاط شبكة السيطرة الأسدية – المسؤول الأوّل عن تدمير سوريا وتقسيمها، وتعفيش جيشها وشعبها – وحوّل قيادتها السياسية والعسكرية، وحكومتها “الإنقاذية” السابقة، إلى “حكومة ثورية مؤقّتة”!

بدا واضحاً في سياق العمليات العسكرية، و مع الخطوات والإجراءات الأولى لقيادة الحكومة المؤقّتة، نهجا وطنيا، وحرصا على مواجهة أخطار المرحلة، خاصة “ترتيبات” بقايا فلول “سلطة الأسد” المنهارة لتفجير حروب أهلية، خاصة في معاقلها السابقة – حمص واللاذقية.

في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة من حياة سوريا، يجد السوريين أنفسهم في مواجهة خَيارات

محددة:

أين تكمن مصالح السوريين المشتركة، وأين يجب أن نقف؟

جهود وإجراءات حكومة الإنقاذ لبناء نظام سياسي جديد، بمشاركة جميع السوريين دون استثناء، في مواجهة التحدّيات المهولة، خاصة تلك التي تمثّلها بقايا فلول سلطة الأسد، وسعيها لقطع هذا المسار بطريقتها الدموية وأدواتها الطائفية المدمّرة، وضغوط إقليمية ودولية، وتحدّيات التقسيم، التي تتجسّد بوجود “قسد”، وسياسات حكومة الحرب الإسرائيلية اليمينية للسيطرة على مناطق جديدة في الجنوب السوري، وتدمير مرتكزات قيام جيش وطني، يشكّل العمود الفقري لسوريا الجديدة.
في هذه الحرب الوطنية العظمى، التي باتت تقودها “حكومة الإنقاذ المؤقّتة “، بغضّ النظر عن أيّة عوامل وحيثيات سابقة للحظة الثامن من ديسمبر التاريخية، بات السوريين بين خَيارين، لا ثالث لهما:

1- وعي طبيعة أبعاد حقائق الصراع على سوريا، والانخراط الفاعل في تعزيز جهود مسار بناء نظام الدولة المدنية على كامل الجغرافيا السورية الذي يقوده السيد أحمد الشرع في تقاطع وتكامل مع مصالح وجهود تركية داعمة في مواجهة جميع التحدّيات.

2- الوقوع ضحيّة قوى وأجندات الخّيار اللاوطني المدمّر، الذي تقوده فلول سلطة الأسد، وتتكامل مع مصالح قيادات قسد، وجهود حكومة اليمين الإسرائيلية، وتنخرط في جهوده طيف واسع من نخب “الفلول” المرتبطة مصالحها بالنظام الساقط، وتسعى للسيطرة على الرأي العام، تحت يافطات واقنعه متجددة!.

مما لاشكّ فيه أنّ مواجهة هذا الطيف العريض من قوى “الجبهة ” المعادية لمسار الانتقال السياسي، ولتعزيز جهود بناء مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية، هو المهمة الوطنية العظمى، ولا مكان فيها للحياد أو الرمادية، تحت أيّة ذريعة أو يافطة!

السلام لسوريا، والعدالة لجميع السوريين!

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني