الزعتر البري مصدر رزق السوريين في الشدائد
يعدّ الزعتر البري مصدر رزقٍ للكثير من السوريين؛ الذين فقدوا وظائفهم أو دخلهم بسبب الحرب الدائرة على الأرض السورية منذ أكثر من تسع سنوات، ويقطنون في الشمال السوري، ليأتي الربيع حاملاً معه “خبز الفقراء” كما يسمونه في منطقة بلبل التابعة لمدينة عفرين السورية.
ويعدّ قطف الأعشاب النباتية كالزعتر الأخضر والبابونج والخبيزة والقريص وشقائق النعمان مصدر رزق يكفيهم شر السؤال حسب قول أم الياس؛ التي تسكن في قرية قسطل التابعة لعفرين، والتي بدورها حدثتنا عن طريقة قطافه: “أخرج باكراً برفقة ابنتي مايا وأمل بصحبة بعض من نساء القرية متجهين نحو السفوح الجبلية لجمع الزعتر الذي لا يتطلب منا جهداً كبيرا، ونقطف أوراقه الخضراء الغضة التي تشبه في شكلها نبتة الحبق فهي لا تتجاوز في طولها عدة سنتيمترات، والنبتة من الأسفل تكون على أعواد خشبية تنمو عليها أعواد الزعتر الغضة، ونقطفها من المكان الغض لتنمو من جديد، وحال عودتنا إلى البيت نقوم بتنقيته من الأعشاب، أو من الأعواد الخشبية التي اقتلعت معها رغم تجنبنا لاقتلاعها”.
وهذا ما تؤكد عليه السيدة أم غانم من جبل الزاوية وتحديداً من قرية الرامي: “نجني الزعتر الأخضر من بزندور المنطقة الجبلية القريبة منا، وهو موجود بكثرة في جبل الأربعين وجبل الزاوية، وأقوم ببيع الزعتر في الأيام الأولى لقطافه حيث بعت الكيلو بـ 2000 ل.س، والآن يباع بـ 1000 ل.س، وطبعاً لهذه النبتة حضور قوي في أسواق المحافظة لإقبال الناس الكبير على شراء الزعتر وتموينه، بعد إقبال الناس الكبير عليه لما له من فوائد له”.
في سوق إدلب التقينا السيد “أحمد المواس” صاحب إحدى العربات التي يبيع النبتة عليها؛ والذي حدثنا بقوله: “بعد نزوحي من ريف حماة وفقداني لمصدر رزقي، صرت أشتري نبتة الزعتر من الأطفال الذين يجمعونه من الجبال ومن السيدات طوال الربيع، وأتجول بعربتي في حارات إدلب المدينة لبيعه والحمد لله مستورين بشغلنا، الله يديم نعمه”.
استخدامات الزعتر البري
وفي سؤالنا للسيد أحمد عن سبب إقبال الناس عليه، أجابنا: أصبح الناس يستخدمونه في عدد من الأكلات الكثيرة مثل فطاير الزعتر مع الدوبيركة البيضاء التي تمون من لبن الغنم بعد غليه، إضافة إلى فرمه كنوع من السلطات، ويضاف إليه الزيتون الأخضر والجبنة والبصل الأخضر، إضافة لدخوله في معظم الأكلات مثل صلصة البيتزا، إضافة للمعكرونة.
طرق تموينه:
لا تكتفي العائلات بأكله وهو أخضر برائحته العطرة النفاذة والقوية؛ بل تقوم بتموينه بعدة طرق، منها تجفيفه في مكان بعيد عن الشمس حتى لا (يبرش) (يخف لون خضاره)، ثم يفرك ويفصل الورق عن العيدان بالتنسيف (هو عملية تعتمد على الخفة ترفع الصينية للأعلى والأسفل بخفة حتى يتم الفصل)، أو نقوم بتنقيته وضغطه مع الملح والزيت وقطع الليمون ليكون جاهزاً للاستعمال في أي وقت، وهذه الطريقة يحافظ بها الزعتر على فوائده، وتتبعها أكثر النساء في تموينه حسب قول السيدة أم الياس.
الزعتر البري نوعان:
تقول السيدة فطمة من مدينة أريحا، “ليس كل الزعتر زعتر، الزعتر البري ثمنه مرتفع وأعواده قصيرة لا نجده إلا أعلى الجبل وتحت الحجارة، وسعر كيلوغرام الزعتر البري الأصلي يتجاوز 4000 ل.س، أما الزعتر للذي يباع في السوق فهو النوع الثاني ويسمى؛ زعتر النملة بساقه الطويلة وعطره الأخف، ويخلط مع النوع الأصلي ليباع والذي لا يتجاوز سعره 1000 ل.س، تضيف بعد إحضارها القليل من الزعتر: “شمّوا.. هذا زعتر ويلي بالسوق زعتر؟…”
فوائد الزعتر البري:
تقول السيدة أم الياس: منذ كنّا صغاراً كان أهلنا يقولون لنا إن الزعتر الأخضر هو دواء في البيت لأنه يخلصنا من السعال والبلغم ومسكن قوي لآلام البطن والعظام، وعلاج للإمساك.
كما يستخلص منه زيت الزعتر الذي يستخدم في العطور، لتكون برأي الكثيرين في الشمال السوري النبتة الملكة.
“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”