fbpx

الحرب العدوانية على غزّة، وملامح تفكك حلقات محور المقاومة! (1)

0 83

الحرب العدوانية الأخيرة على غزّة، عمليّة الفجر وفقاً لدعاية الحرب الإسرائيلية، ووحدة الساحات، كما تمنّتها أن تكون حركة سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، هي الحرب الخامسة التي يشنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي، على غزّة منذ انسحابه 2005؛ وقد استهدفَ قيادات حركة الجهاد الإسلامي في الضفّة، ومواقع جناحها العسكري في غزة، بعد تفاهمات خاصّة لتحييد حماس.

جاء في الرواية الإسرائيلية:

فاجأ الجيش الإسرائيلي، بعد ظهر يوم الجمعة، 5 آب 2022، حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين باغتيال تيسير الجعبري، قائد منطقة شمال قطاع غزة في سرايا القدس، الذي كان مسؤولاً عن عمليات إرهابية واسعة.

بالتزامن مع ذلك، تم إيقاف قائد المجموعة المضادة للدبابات التابعة للتنظيم في شمال غزة وعصابات الإرهابيين الذين كانوا في طريقهم لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات والقنص على الإسرائيليين في محيط غزة. وبهذه الطريقة، أحبط الجيش الإسرائيلي استعدادات الجهاد الإسلامي في فلسطين لمهاجمة إسرائيليين رداً على اعتقال بسام السعدي، القيادي البارز في الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية.

صحيفة التايمز البريطانية قالت إن إسرائيل كانت تخطط منذ عدة أشهر لعملية قطع رأس حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، وأنها استغلت الانقسام بين قيادات الحركة لتنفّذ الضربة.

من جهة ثانية، واصل السيّد زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، (الذي تلقّى خبر استشهاد تيسير الجعبري من داخل استديو قناة الميادين في طهران، حيث كان في زيارة تشاورية حول أفضل الوسائل لمواجهة ما تبدو حملة عسكرية جديدة[1]، تستهدف قيادات الصفّ الأول لحركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، التي بدأت بالاعتقال المُهين للشيخ بسام السعدي، القيادي البارز، وعشرات آخرين، مساء الاثنين 1/8 وتسعى، كما يعتقد، كسر معادلة توحيد الساحات بين غزّة والضفّة والقدس والأراضي المحتلّة عام 1948، التي فرضتها معركة سيف القدس[2]، وكانت حركة الجهاد الإسلامي من أبرز أعمدتها)، زيارته إلى إيران، والتقى بعدد من المسؤولين، وفي مقدمتهم الرئيس إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان.

في حواره الخاص بالحدث، على قناة الميادين، قال السيّد زياد في جواب عن سؤال حول طبيعة المستجدّات، في ضوء العدوان الإٍسرائيلي الجديد، وأسباب الزيارة وأهدافها وخيارات الحركة للردّ:

هذا يومٌ للقتال طويل، العدو الصهيوني ابتدأ هذا العدوان وعليه أن يتوقّع قتالنا بدون توقّف حتى النصر، على كلّ مقاتلي الشعب الفلسطيني أن يقفوا وقفة واحدة. المقاومة في غزّة ستكون موحّدة تحت عنوان المقاومة الفلسطينية، بدون تسميات فصائلية. نحن ذاهبون للقتال، ونسأل الله التوفيق للمجاهدين في الميدان. سيقع الألم داخل المجتمع الإسرائيلي كما يقع الألم على الشعب الفلسطيني.

مصادر الجهاد الإسلامي من جهتها أكّدت في بيان أنّها ردّت في عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى بعملية سمّتها وحدة الساحات، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية.

بداية، نودّ معرفة حقيقية أهدف العدوان الإٍسرائيلي الجديد:

تعتقد بعض المواقع الإعلامية الإسرائيلية أنّ أهمّ الاهداف التي حددتها السلطة السياسية ترتبط بالسعي للقضاء على خطر الهجوم بنيران مضادة للدبابات على أهدف إسرائيلية في المنطقة القريبة من حدود غزة، وتوجيه ضربة قاسية للجهاد الإسلامي وإضعاف أذرعه العسكرية والسياسية، وكبح جماح بعض العناصر الإرهابية الأخرى، وأضيف، تعزيز سياسة فرّق تسد، لتعميق التمايز وتقليص الصلات بين ساحات النضال الفلسطيني، خاصّة ︎إبقاء حماس خارج الحملة، بل وخارج محادثات وقف إطلاق النار، بما يؤدّي إلى إضعاف صورتها كقائدة لمعسكر المقاومة.

أهداف أخرى قد تكون سعت لتحقيقها القيادة السياسية الإسرائيلية، يمكن رصدها في سياق القراءة التالية.

التساؤل الرئيسي الذي أحاول مقاربة إجابته يرتبط بسياقات الحدث، وأهمّ نتائجه على صعيد محور المقاومة، ومآلات الحرب الإسرائيلية المستمرة لتقويض النضال الوطني الفلسطيني.
أولاً: على الصعيد الأمريكي:

إذا كانت قد حصلت سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبةعلى دعم أمريكي متزايد لجهود تعزيز عوامل الأمن القومي الإسرائيلي، توافقا مع طبيعة الدور الذي تمارسه كوكيل عسكري، وفي مقدمتها منع قيام دولة فلسطينية مستقلّة إلى جوار إسرائيل، فقد أكّدت قمّة القدس الأخيرة بين بايدن والقيادات الإسرائيلية على سحب يد الأميركيين من الموضوع الفلسطيني، الأكثر أهمية للإسرائيليين وتخلّي واشنطن عن سياساتها المُعلنة، الداعمة لحلّ الدولتين، وإعطاء حكومة الكيان حقّ التصرّف بما تجده مناسباً، في ظرف وصلت فيه خطوات التطبيع بين الأنظمة العربية وإسرائيل إلى درجة قيام حلف عسكري إقليمي، وفي ظل سعي النظام الإيراني لتوقيع تفاهمات هدنة طويلة الأمد، تحت غطاء اتفاق نووي؛ وهي عوامل مهمة لفهم أبعاد المعركة الحالية.

ثانياً: على الصعيد الإيراني:

في تفاصيل الموقف الإيراني، ثمّة مسعى حثيث لتجيير عواقب الغزو الروسي لأوكرانيا،(خاصّة قضيّة الطاقة، وحاجة الولايات المتّحدة لملايين براميل النفط الإيراني لتعويض أوروبا من جهة، ولمنع ارتفاع أسعار النفط، من جهة ثانية)، واستثمار نجاحات مشروع السيطرة الإقليميّة الإيروأمريكي، خاصّة في سوريا واليمن، لرسم معالم مرحلة تطبيع علنية في علاقات النظام الإيراني الأمريكيّة والإقليمية – في مواجهة خطوات إسرائيلية سعودية لعزله، وضغوط أمريكية متصاعدة – بما يجعل من هدف توقيع اتفاق نووي مع إدارة بايدن – بشروط السيّد علي خامنئي – الأولوية في سياسات النظام الإيراني، الذي يحاول استخدام جميع أوراق قوّته الإقليميّة والدولية لوضع ضغوط على الولايات المتّحدة، أو لمواجهة ضغوط واشنطن لقبول شروطه التي ما تزال تعطّل التوافق النهائي على الصيغة المطروحة (بقاء الحرس الثوري الإيراني على قائمة العقوبات الأمريكية). ضمن هذا السياق العام، يصبح من الطبيعي أن تستغلّ القيادة الإيرانية اعتداءات إسرائيل المستمرة على الشعب الفلسطيني، وسعيها لتحجيم حركة الجهاد وتقويض مرتكزاتها في الضفة، لتأجيج الصراع إلى أقصى حد، وتعميمه، بما يحرج القيادة الإسرائيلية، ويدفعها لطلب وساطة التهدئة الإيرانية.[3]

آب – ٢٠٢٢.


[1]– زيارتي لإيران زيارة روتينية وطبيعية في الأصل، وصادف أن الأحداث وقعت ونحن في إيران. نحن دائماً نقوم بزيارات لإيران لما لها من موقف مساند للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية. زياد نخالة.

[2]– حرب عام 2021، حارس الأسوار /سيف القدس!

اندلعت معركة سيف القدس التي سمتها إسرائيل حارس الأسوار، بعد استيلاء مستوطنين على بيوت مقدسيين في حي الشيخ جراح، وكذلك بسبب اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى.
تصاعدت وتيرة الأحداث نتيجة اعتداءات إسرائيل على حي الشيخ جرّاح والمسجد الأقصى، وتدحرجت التطورات حتى وصلت إلى مواجهة عسكرية مع قطاع غزة في 10 أيّار، استمرّت لمدة 11 يوماً، وتميّزت بتكامل المقاومة الفلسطينية في جميع ساحات النضال الفلسطيني.

[3]– أكّد القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي، لدى استقباله الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة يوم السبت، أنّ الرد السريع للمقاومة الفلسطينية على الجرائم الصهيونية تدل وبلا شك على أن المقاومة تعيش فصلاً جديداً من القوة، مشدداً على أنّ قوة المقاومة الفلسطينية تظهر القدرة على إدارة الحروب الكبيرة.

وقال اللواء سلامي في هذا اللقاء الذي عقد في مقر قيادة الحرس الثوري: إن العالم الإسلامي والمنطقة الحاضنة للمقاومة يعيشان اليوم ظروفاً خاصة، وإنّ تحرير فلسطين هو أكثر من أمنية بل هو استراتيجية حتمية للشعب الإيراني؛ وشدد على أنّ مسار الأحداث في فلسطين وتراجع قوة الاحتلال نحو الزوال والانهيار هو مسار دون رجعة وأن تحرير القدس بات وشيكاً.

وفي ذات السياق، جاء قول قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، اللواء إسماعيل قآني:

إن إيران تخطط للتعامل مع الجرائم التي ترتكبها أميركا والكيان الصهيوني كافة، وأنها سترد عليها بشكل حاسم في الوقت المناسب.

وأكد في تصريحات له اليوم السبت أن المقاومة الفلسطينية توجه الضربات الأخيرة للكيان الصهيوني، وقال إنه لا يمكن لإسرائيل مقاومة أبناء الأراضي الفلسطينية المحتلة وغزة ولبنان، مشدداً على أن أمن إسرائيل آخذ في التراجع.

وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قد ثمّن مقاومة الشعب الفلسطيني، وعبر عن إدانته لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة.

وقال في تصريحات اليوم إن الكيان الصهيوني في جريمة الليلة الماضية أظهر للعالم مرة أخرى نزعته في الاحتلال والعدوان، لكن مقاومة سكان غزة ستسرع بزوال هذا الكيان القاتل للأطفال.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني