fbpx

الانتخابات ما بين الاستئناس والاستحمار

1 263

بتاريخ 3/8/2022 أصدر بشار الأسد المرسوم رقم /216/ للعام 2022 الذي ينصّ على تحديد يوم الأحد الموافق لـ 18 أيلول 2022 موعداً لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية. بناءً على أحكام قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 107، وعلى أحكام قانون الانتخابات العامة رقم 5 لعام 2014.

وجرت المسرحيّة بتاريخ 18/9/2022 وبعد الانتهاء منها أصدر المرسومين رقم “257 و258” المتضمنين أسماء أعضاء مجالس المحافظات وأعضاء مجالس مدن مراكز المحافظات الفائزين بانتخابات الإدارة المحلية.

وقد استغلّ وزير خارجيّة النظام انعقاد الدورة “77” للجمعيّة العامّة للأمم المتحدة ليخرج “منبوذاً كالكلب الأجرب” ليتباهى بهذه الانتخابات، مُتبجِّحاً بالقيم الديموقراطيّة، أمام “35” شخصاً فقط من بينهم بقيّة أعضاء وفده والمترجمين ممن بقي من أصل “1351” شخصاً من أعضاء وفود الدول الـ “193” المشاركة في أعمال الدورة.

إنّ المهتمّ بمراقبة الانتخابات العامة في سورية ورصدها ومعرفة حقيقتها ما عليه سوى الاطلاع على بيانات مكتب الإحصاء المركزي ومقارنتها مع الأرقام التي ينشرها وزير الداخلية أو وزير الإدارة المحليّة والتنميّة، ليكتشف بسهولة بأنها مجرد لعبة رقمية تديرها أجهزة المخابرات السورية من خلال سيطرتها على كل مؤسسات الدولة التي تحوّلت إلى مجرد مزارع في إقطاعية آل الأسد.

وبما أن قاعدة البيانات الأساسية في حساب عدد سكان أي دولة تقوم على ركيزتين أساسيتين هما “السجل المدني العام” الذي يتضمّن بيانات وأحوال المواطن المدنية من الولادة حتى الممات، وهذا السجل هو المرجع في تحديد الجنسية والأساس في عمليات الإحصاء السكاني العام للبلاد وهذا ما نصّ عليه قانون الأحوال المدنية السوري رقم “13” لعام 2021 في المادة “6”: للقيود المدنية المسجّلة في السجل المدني قوة الإثبات القانونية وتعد مصدراً للإحصاءات السكانية بأشكالها المختلفة”.

والمكتب المركزي للإحصاء هو الركيزة الثانية في بيان كل ما يتعلق بإحصائيات حول السكان والعمران والاقتصاد والصناعة والزراعة وكل الخدمات الإحصائية التي تعتبر ركيزة أساسية في صنع السياسات الداخلية، ووضع خطط التنمية المستدامة.

وبناء عليه فإن قانون الانتخابات رقم “5” لعام 2014 نص في الفصل الرابع منه على أحكام “السجل الانتخابي العام” الذي لا يمكن أن تجري أية انتخابات بدونه، وهذا السجل تقوم عليه لجنة رباعيّة مؤلفة من مندوبين عن “وزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الإدارة المحليّة والمكتب المركزي للإحصاء” ويتم تحديث بيانات هذا السجل كل عام إما بشطب او إضافة أو تصحيح بيانات الناخبين على أن يُقدّم للجنة العليا للانتخابات قبل شهرين من موعد الاستحقاق الانتخابي، حتى يتثنى لها إعداد قوائم الناخبين وتوزيعها على مراكز الاقتراع في الداخل والخارج، المادة “28” منه: يتم إعداد السجل الانتخابي العام على مستوى الجمهورية العربية السورية من قبل وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارتي العدل والإدارة المحلية والمكتب المركزي للإحصاء.

وبالعودة إلى قاعدة بيانات مكتب الإحصاء المركزي المنشورة على موقعه الرسمي والتي تتضمن أن آخر عمليّة تحديث للبيانات كانت بتاريخ 27/1/2021 وعلى كتاب وزارة الإدارة المحليّة والتنميّة، وعلى تصريحات اللجنة العليا للانتخابات نجد وبسهولة عملية التزوير المسبق لكل العملية الانتخابية من خلال التلاعب في الإحصائيات السكانية الذي يمكن إثباته من خلال إجراء عملية حسابية لعدد السكان ما بين أعوام 2004 حتى عام 2022 والذي أجريته بنفسي وخلصت إلى نتيجة أن التزوير واقع في السجل الانتخابي لوقوع التزوير في الإحصائيات السكانية، التي تقوم على بيانات السجل المدني العام والتي أيضاً يظهر التزوير والتلاعب فيها، والتي قام النظام بعملية إخفائها من خلال إصدار قانون السجل المدني قبل موعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأيام.

التزوير المسبق: بعد الاطلاع على بيانات مكتب الإحصاء وعلى الساعة السكانيّة وعلى قرارات وزارات “الداخليّة والعدل والإدارة المحليّة والتنميّة” تبيّن لنا التزوير من خلال ما يلي:

أولاً: التلاعب في عدد السكان:

  1. تشير الساعة السكانيّة وهي المؤشر الرسمي لمكتب المركزي للإحصاء على موقعه الرسمي لعدد سكان سورية الإجمالي وأن عدد سكان سورية حتى تاريخ 4/8/2022 هو “27629815” نسمة.
  2. بينما الإحصائيات السنوية للمركز نفسه من عام 2004 حتى العام 2020 لو أجرينا عليها عملية حسابية بسيطة من خلال جمع عدد الولادات في وطرح عدد الوفيات من كل عام لوجدنا أن عدد السكان الإجمالي على فرض صحة ما ورد فيها هو “24.385.602”.
  3. تصريحات مدير المكتب المركزي للإحصاء لراديو “شام FM” التابع للنظام المؤرخ في 1/6/2022 والتي جاء فيها: أن عدد سكان سورية وفقاً للإحصائية الأخيرة التي أجريت عام 2021 هو 22 مليوناً و922 ألفاً و999 نسمة أي قرابة 23 مليون نسمة، وذلك بحسب آخر كتاب إحصائي سنوي صدر منذ حوالي الشهرين، وهي تشمل جميع السكان الموجودين في المحافظات السورية التي يمكن الوصول إليها، لأنه لا يمكن استثناء أي محافظة، نافياً الأرقام المتداولة المبالغ بها والتي تحدثت عن 28 مليون نسمة.

 وأكّد بأن عدد سكان البلاد كان قرابة 22 مليوناً عام 2019، أما في عام 2020 سجل زيادة بسيطة وأصبح 22 مليوناً ونصف المليون تقريباً، موضحاً أنه كان من المفترض أن يقوم المكتب المركزي عام 2014 بإجراء إحصاء ولكن الظروف منعت ذلك، علماً أن عدد السكان يحسب وفق تعداد المحافظات، والتعداد هو عدد السكان الموجود على الأراضي السورية لحظة التعداد. أي أن عدد السكان الإجمالي وفقاً لتصريحه هو “22.922.999” نسمة، بينما ورد في قرار وزارة الإدارة المحليّة أن عدد السكان هو “30.269.269” نسمة.

ما يعني أننا أمام أربعة أرقام رسميّة متضاربة لعدد السكان ويلاحظ أن الفرق بينها يصل إلى “7.000.00” شخص.

  • كما نجد من خلال مراجعة تلك البيانات أنه لم تُجرَ أي إحصائيات لمحافظات “إدلب – حلب – الرقة – دير الزور” من عام 2013 حتى العام 2020، وعدم إجراء إحصاء لمحافظة حمص عن أعوام 2011 و2012 و2013 وعدم إجراء إحصاء لمحافظة الحسكة لعام 2017.

ثانياً: النيّة المُبيّتة لدى النظام في حرمان السوريين ممن هم خارج سيطرته من حقّهم في الترشح والانتخاب من خلال وضع شروط من المستحيل تحقيقها في ظل التهجير القسري وتلف وضياع الأوراق والمستندات الشخصيّة، وبسبب الملاحقات الأمنيّة والأحكام الغيابيّة الصادرة عن محاكم الإرهاب والمحاكم العسكريّة الميدانيّة:

  1. اشتراط الوكالة ممن هو خارج البلاد ومن المعروف أن الموافقة الأمنيّة هي شرط قبول تنظيم الوكالة، ما يجعل الأجهزة الأمنيّة هي المُتحكِّم في العمليّة الانتخابيّة وفقاً لنص المادة “45” من قانون الانتخابات: إذا كان طالب الترشيح خارج الجمهورية العربية السورية أو تعذر عليه تقديم الطلب بنفسه يحق لوكيله القانوني تقديم طلب الترشيح أو سحبه بدلاً منه وذلك بموجب وكالة مصدقة أصولاً.
  2. وتحديد مهلة الاعتراض بثلاثة أيام، الأمر الذي يستحيل معه قيام المرشّح به، ما يحرمه حقّ الاعتراض وفقاً للمادة “46” منه: يحق لطالب الترشيح الاعتراض على قرار لجنة الترشيح أمام اللجنة الفرعية خلال ثلاثة أيام على الأكثر تبدأ من اليوم الذي يلي تاريخ إعلان أسماء المقبولين أو من تاريخ انتهاء المدة المحددة للبت في طلبات الترشيح.
  3. اشتراط وجود اسم الناخب في السجل الانتخابي وفقاً لما نصّت عليه المادة “99” منه: يحق لكل مواطن غير مقيم على الأراضي السورية أن يمارس حقه في انتخاب رئيس الجمهورية العربية السورية في السفارات السورية وفقا لأحكام هذا القانون شريطة أن يكون اسمه وارداً في السجل الانتخابي وألا يكون ثمة مانع قانوني يحول دون ممارسة حقه في الانتخاب.

4-     اشتراط أن يكون الاقتراع “بجواز السفر” وأن يكون صالحاً وممهوراً بختم خروج رسمي من أحد المعابر الحدودية عملاً بالمادة “105” منه: يقترع الناخب بجواز سفره السوري العادي ساري الصلاحية والممهور بختم الخروج من أي منفذ حدودي سوري.

ثالثاً: عدد السوريين الذين هم خارج سيطرة الأسد “17.500.000” موزعين على الشكل التالي:

  • عدد المهجّرين والمشردين داخلياً في المناطق في المخيمات “1.800.000” شخص.
  • عدد المهجّرين والمشردين داخلياً في إدلب خارج المخيمات “3.000.000”.
  • عدد سكان منطقة درع الفرات من سكان أصليين ومهجّرين حتى عام 2020 هو “2.000.000”.
  • عدد اللاجئين المسجلين في دول العالم حسب آخر إحصائية أممية بتاريخ 15/3/2021 هو “6.700.000” شخص.
  • عدد سكان مناطق شرق الفرات حتى عام 2018 حسب تعداد منشور في دراسة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “2.500.000”.
  • عدد الشهداء والمعتقلين والمفقودين من الشعب السوري “1.000.000”.
  • عدد قتلى النظام والمفقودين حوالي “500.000”.

رابعاً: التركيبة السكانية حسب العمر: لقد ورد في تقرير المكتب المركزي للإحصاء حول المسح السكاني لعام 2018 وهو آخر تقرير متوفر أن نسبة عدد السكان من الفئة العمرية ما دون 19 سنة هي 33.2% من عدد السكان الإجمالي وعليه فيكون عدد من بقي في مناطق النظام:

  1. حسب بيانات مكتب الإحصاء “24385602” هو “6.885.602”، ويكون عدد الذين لا يحق لهم الانتخاب ممن هم دون سن “18” سنة هو “2.217.163” أي ما نسبته 33.2% ويكون من يحق له الاقتراع “4.668.439”.
  2. وحسب الساعة السكانيّة “27.629.815” هو “10.129.815”، ويكون عدد الذين لا يحق لهم الانتخاب ممن هم دون سنّ “18” سنة هو “3.261.800” ويكون من له حق الاقتراع “6.868.015”.
  3. وبحسب تصريحات رئيس مكتب الإحصاء هو “22.922.999” نسمة هو “5.422.999”، ويكون عدد الذين لا يحق لهم الانتخاب ممن هم دون سن “18” سنة هو “1.746.205” أي ما نسبته 33.2%، ويكون من يحق له الاقتراع “3.676.793”.
  4. وحسب قرار وزارة الإدارة المحليّة والبيئة هو “30.269.269” هو “12.769.269”، ويكون عدد الذين لا يحق لهم الانتخاب ممن هم دون سن “18” سنة “4.111.407” أي ما نسبته 33.2%،     ويكون من يحق له الاقتراع “8.657.564”.

خامساً: نتائج الانتخابات:

  1. تعيين رؤساء وأعضاء المجالس المحليّة والبلديّات من قبل قيادة حزب البعث الحاكم، من خلال عمليّة الاستئناس الحزبي التي تتكّون من مرحلتين:
  2. الأولى: اختيار المرشحين للانتخابات وفرض ما يُسمّى قوائم “الوحدة الوطنيّة” وبعد صدور نتائج الانتخابات المزعومة.
  3. المرحلة الثانيّة: لاختيار أعضاء المكاتب التنفيذيّة للمجالس المحليّة والبلديّات، الأمر الذي ينتهي إلى تعيين “الحزبيين الأكثر ولاءً” وهذا الولاء يقاس بمدى انخراط صاحبه في “ميليشيات البعث” وعصابات التشبيح.
  4. أكثر من 80% من المجالس المحليّة والبلديّات تم الإعلان عن نجاح قوائم “الوحدة الوطنيّة” البعثيّة بالتزكيّة دون إجراء انتخابات.
  5. تم تعيين رؤساء وأعضاء المجالس المحليّة والبلديّات للمدن والقرى الخارجة عن سيطرة النظام بناءً على توصيات قيادة حزب البعث في تلك المحافظات.
  6. دير الزور: لوحظ تناقض بين عدد المرشحين وعدد المقترعين وضعف المشاركة مما أدى إلى فوز قائمة المرشحين من قبل حزب البعث “الاستئناس الحزبي”، حيث لوحظ تساوي عدد المرشحين مع عدد الناخبين في بعض المناطق، وربّما ضعف عددهما في مناطق آخري عدد سكانها يتجاوز “25000” نسمة.

سادساً: النتيجة: إن ما يطلق عليه انتخابات عامة “رئاسية، تشريعيّة، إدارة محليّة” في سورية هي جريمة دستورية “تزوير وتزييف إرادة الشعب المنصوص عنها في الفقرة الثانية من المادة الثانية من الدستور، وهي جريمة جزائية” جريمة التزوير في السجلات الرسمية، والتزوير في السجل الانتخابي والتزوير في القوائم الانتخابية وتزوير في نتائج “الانتخابات”، كما أنها وسيلة استحمار يلجأ إليها النظام لذرّ الرماد في عيون بعض الدول التي ما زالت تنظر إليه كسلطة شرعيّة وتحاول إعادة تأهيله وإنتاجه، كما أنها وسيلة استحمار لحاضنته من الموالين، وجائزة ترضية لعُتاة شبّيحته الذين قام بتعيينهم فيها كمكافأة لهم على خدماتهم في قتل وتشريد وتهجير الشعب السوري وتدمير مدنه وقراه، ونهب أمواله، وممتلكاته.

1 تعليق
  1. Naif moamad says

    حياك الله استاذ عبد الناصر ٥٠ أو ٦٠ عام من حكم النصيرية أرجعت العالم الإسلامي ١٠٠٠ عام والتراث والازدهار وكل الحضارات تمم تسميمها منهم أنه ليس مسألة سياسة أصبح بلاءء

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني