fbpx

الأسد لم يكن يوماً عدواً لإسرائيل.. وادعاء المقاومة مجرد تضليل

0 196

يظهر من خلال قراءة تاريخ حكم نظام حافظ أسد الديكتاتوري، ومن بعده نظام حكم ابنه بشار، أنه لم يكن نظام مقاومة، بل تشكل فكرة المقاومة هنا قشرة، يراد منها إخفاء النوايا الحقيقية لوظيفة وأهداف هذا النظام.

فلو عدنا إلى ماضي أسد “الأب”، لوجدنا أنه ومنذ البداية لم يكن شخصاً وطنياً حقيقياً، بل كان يستتر خلف مقولات الوطنية ومقاومة إسرائيل لبناء نظامه العائلي المهيمن على خيرات وجغرافية سوريا. وكان ينفذ سياسة تخدم إسرائيل وتمنع كل مقاومة شعبية حقيقية لها.

حافظ أسد ومنذ أن كان وزيراً للدفاع في حكومة نور الدين الأتاسي لعب دوراً خطيراً في حرب حزيران عام 1967، هذا الدور تمثل بإصداره أوامر انسحاب كيفية للجيش السوري بحجة سقوط مدينة القنيطرة، في وقت لم تكن هذه المدينة قد سقطت.

استمر حافظ أسد في خدمة هدفه الرئيسي بمنع أي مقاومة ضد إسرائيل، ولعب دوراً سيئاً ومفضوحاً في منعه الجيش السوري من مساندة قوى الثورة الفلسطينية في أيلول عام 1970، وبذلك سهل عملية تصفية المقاومة الفلسطينية من جهة أغوار الأردن المحاذية للأراضي الفلسطينية، من أجل نيل الرضا من إسرائيل وأمريكا بأنه الأصلح لحكم سوريا، والأصلح لمنع ظهور أي مقاومة حقيقية ضد وجود إسرائيل.

حافظ أسد الذي انكشفت خياناته أمام رفاقه في رفضه مساندة قوى الثورة الفلسطينية، عمل على الانقضاض على السلطة، حيث قام بانقلابه في تشرين الثاني عام 1970، بعد أن اعتقل رفاقه ووضعهم في سجن المزة العسكري.

ومنذ أن سيطر على الحكم بدأ أسد ينفذ سياسة تمنع أي مقاومة ضد إسرائيل، وخوضه لما يسمى “حرب تشرين الأول عام 1973” لم يكن سوى إيهاماً للشعب السوري بأنه رجل مقاوم ويريد استعادة الأرض العربية التي أمر جيشه من قبل على الانسحاب منها وعدم الدفاع عنها.

لا يريد حافظ أسد أي مقاومة، فمثل هذه المقاومة ستكشف بنيته الحقيقية وأهدافه، وبالتالي ستفشل مشروعه ببناء دولة طائفية عمادها طائفته العلوية التي كانت ولا تزال طائفة صغيرة في البلاد.

حافظ أسد بنى نظامه الديكتاتوري الاستبدادي على أسس أمنية قمعية شديدة، هذا البناء اتسم بأجهزة مخابرات متوحشة تفعل كل شيء من أجل الدفاع عن الديكتاتور وحكمه. وهي أجهزة لعبت دوراً قذراً وخطيراً ضد دول الجوار، من لبنان إلى الأردن إلى تركيا والعراق.

كان أسد “الأب” يدرك أنه لن يتمكن من حكم سوريا بغير أذرع مخابراتية مرعبة، ولهذا بدأ بتفجير بنى الأحزاب من داخلها معتمداً على صراعاتها الداخلية لتمزيقها، وهذا ظهر في انشقاق الحزب الشيوعي السوري عام 1972، وانشقاق حزب الاتحاد الاشتراكي وحركة الاشتراكيين العرب، ثم لجأ إلى تشكيل ما يسمى (جبهة وطنية تقدمية) لتكون ذراعه غير البعثية في لجم ومنع أي حراك ثوري أو وطني ضد ديكتاتوريته، وهو بهذه الحالة كان يستكمل بناء نظامه العسكري المخابراتي تحت مسمى “نظام مقاوم، في وقت زحفت قواته العسكرية عام 1976 إلى لبنان لذبح المقاومة الفلسطينية، ونصرة أعدائها. فاحتل لبنان ولاحق كل من يرضى بسياسته المهادنة لإسرائيل.

السياسة التي اتبعها نظام أسد بمرحلتي الأب والابن كانت تقوم على نهب منظم لثروات البلاد وتحديداً ثرواته الباطنية من نفط وغاز، حيث كان أتباعه في مؤسساته يقولون للناس أن عائدات البترول بأيدٍ أمينة، وهم يقصدون أنها لا تدخل في حسابات ميزانية الدولة، بل تبقى في حسابات خاصة للديكتاتور حافظ أسد.

الشعب السوري الذي اكتشف زيف مقاومة هذا النظام لإسرائيل، اكتشف أيضاً أن نظام أسد كان يحرس الحدود مع فلسطين لمنع أي مقاومة أو عمليات فدائية أو عسكرية ضد إسرائيل، وهو بهذه السياسة يحقق معادلة تخص وجود نظامه، هذه المعادلة تتلخص بحماية أسد لحدود إسرائيل مقابل استمرار حكمه وحكم عائلته من بعده.

اتضحت هذه الحقيقة أيضاً من تصريحات أتباعه وأقربائه المشاركين معه في نهب الشهب السوري وقهره، حيث قال هؤلاء في بداية الثورة، أن إسرائيل لن تسمح بسقوط نظام أسد، واتضح عداء هذا النظام للشعب حين قال “الأسد أو نحرق البلد”، وهم حرقوا البلد واغتصبوا النساء وقتلوا الأطفال وحرقوا القرى والمدن، لأن الشعب ثار لاسترداد حرياته وكرامته وحقوقه في بلاده.

نظام أسد يقف بمواجهة شعب سوريا، وقد استجلب قوى طائفية وخارجية لتساعده على تصفية ثورة شعب يريد دولة مؤسسات ديمقراطية عادلة. وهو نظام لم يتورع عن استخدام كل وسائل القتل والتدمير ضد الشعب ليبقى مالكاُ لسوريا وكأنها مزرعة له ولعائلته التي يكرهها الشعب السوري.

إن محاولات إعادة نظام أسد إلى الحظيرة العربية إنما هي محاولات وسياسات معادية ومضرة بالشعب السوري، ومن يعمل وفق هذه السياسة بحجة تخليص نظام أسد من التبعية لإيران هو واهمٌ، لأن بنية هذا النظام بنية طائفية قذرة، لم تسمح يوماً ببناء دولة مواطنة ومؤسسات ديمقراطية، فكيف ستكون غير ذلك بعد جرائم ارتكبها ضد السوريين، جرائم وثقتها وثائق منظمات إنسانية وصور تم تهريبها (قيصر).

المطلوب ليس إعادة نظام أسد للعب دور وهمي ضد إيران، بل المطلوب ترحيله إلى مزبلة التاريخ، ليتسنى للشعب السوري إعادة بناء وطنه الذي دمره أسد براميل القتل والدمار.

والمطلوب محاكمة عادلة لهذا النظام المتوحش ليستعيد كل سوري متضرر من جرائم نظام أسد حقه الطبيعي في مقاضاة من ارتكب بحقه أبشع الجرائم.

المطلوب تعميق قيم الثورة ودورها من أجل بناء سوريا دولة مدنية ديمقراطية تعددية عادلة.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني