احتقان سنوات انفجر بلحظات.. مبادرة لتوضيح أسباب الأحداث الأخيرة في دير الزور وآلية الخروج منها
منذ تحرير دير الزور من داعش، بدأت الإدارة الذاتية بدعم الاستقرار في دير الزور، ولكن هذا الدعم كان بوتيرة تنم عن تهميش واضح وصريح، وتكون الحجج التي تقدمها قسد دوماً أن دير الزور ما زالت مهددة من قبل داعش، ورغم ذلك صبر أهالي دير الزور في الفترة السابقة، ظناً منهم أن الواقع سيتحسن والاستقرار يعود رويداً رويداً، وهذا الأمر لم يمنع الأهالي خلال السنوات الأربع الماضية من التعبير عن استيائهم وغضبهم من سياسية قسد في المنطقة، من خلال تنفيذ وقفات احتجاجية أو مظاهرات تندد بسياسة قسد وبالواقع المعيشي المتردي.
عمدت قسد منذ دخولها دير الزور إلى اتباع أسلوب الوصاية على دير الزور، فهي لم تكترث لطلبات أهاليها، ولم تحترم خصوصيتهم، وثقافتهم، بل على العكس من ذلك بدأت بتنفيذ جميع أعمالها بما يلائم سياستها، ومن هذه الأعمال: قيامها بتشكيل مجلس دير الزور العسكري وبقية مجالس دير الزور المدنية والعسكرية بناءً على ولاء القادة لها، وهذا ما حدث أيضاً في المجلس المدني لدير الزور.
أضف إلى ذلك، قيام قسد باحتجاز عدد كبير من عوائل دير الزور في مخيم الهول بحجة انتمائهم لداعش، وتطبيق قسد لبطاقة وافد بحق أبناء دير الزور في حال رغبتهم بالسكن في الحسكة والرقة ومنبج.
أيضاً نظام الوصاية المطبق من قبل قسد على دير الزور، كان له دور بارز، وذلك من خلال إرسال قسد مجموعة من الكوادر العسكرية من جبال قنديل ينتمون لجنسيات غير سورية (أتراك، إيرانيين)، ويشغلون مهمة مستشارين عسكريين ومدنيين، ويكون القرار بيدهم، ويتفردون به، واتصالهم المباشر مع مظلوم عبدي، فهم من يقومون بتعيين القادة العسكريين والرئاسات المدنية حتى الكومين وهو أصغر خلية في تنظيم الإدارة الذاتية المدنية، إذا لم يوافق عليهم الكوادر فلا يجوز تعينهم، حتى الخدمات والمشاريع التنموية لا تتم إلا بعد موافقتهم.
الأهالي في دير الزور هم من أبناء القبائل العربية العريقة، التي لم ترض بالظلم والتهميش، ورغم احتقانهم من سياسة قسد إلا أنهم آثروا السكوت على الظلم والقهر والذل وكل ذلك حتى تنعم المنطقة بالاستقرار، وحتى لا يكونوا السبب في فلتان أمني ينم عن عواقب تجر المنطقة إلى حرب جديدة، وهذا ما يسعى إليه النظام السوري المجرم والميليشيا الإيرانية.
من خلال هذه النقاط نستطيع أن نلخص الأسباب التي دفعت أهالي دير الزور للوقوف بوجه قسد:
تعود أسباب الحراك الحالي لأبناء العشائر في دير الزور إلى العديد من الأسباب المباشرة والغير مباشرة
أما السبب المباشر للحراك: هو قيام قسد باعتقال قادة مجلس دير الزور العسكري، ما دفع المقربين منهم إلى تحشيد الأهالي وتأليبهم ضد قسد، وخاطبوا في الناس عواطفهم وعصبيتهم القبلية.
هذا السبب أغضب العرب بشكل عام، والعشائر العربية التي ينتمي إليها هؤلاء القادة بشكل خاص، ما أدى إلى ردة فعل من قبلهم، وذلك بقيامهم بإنذار قسد بإطلاق سراحهم حتى لا تتأزم الأمور ويحدث ما لا يحمد عقباه، فكان رد قسد ببيان نشرته بأن اعتقالهم تم بناءً على طلب من الشيوخ والوجهاء، وكونهم استغلوا السلطة لمصالحهم الشخصية.
كان هذا التبرير من قبل قسد كشرارة أطلقت، حيث عاد معظم الأهالي إلى وجهائهم وشيوخهم الذين نفوا هذه الادعاءات، وبأن قسد تحاول خلق فتنة بين العرب أنفسهم.
أما الأسباب غير المباشرة للحراك في دير الزور فيعود لما يلي:
- الضخ والتجييش الإعلامي المكثف من قبل بعض المنتفعين، ومن قبل بعض القوى المعادية لمشروع قسد مثل ميلشيا الدفاع الوطني، الميلشيات الإيرانية، وفصائل الجيش الحر.
- تسلط قسد وتفردها بقرارات دير الزور: حيث يتفرد كوادر قسد بالقرار ويمنع مخالفة أي قرار يصدر عن كادر وفي حال مخالفته سيتم تدبير مكيدة بالشخص والتخلص منه أو سجنه.
- سيطرة قسد على مقدرات وثروات دير الزور وتهميشها يشكل واضح.
- سياسة قسد العنصرية والمعاملة غير العادلة بين العرب والكرد.
- اعتبار دير الزور منطقة إرهابية، ومنع معظم المنظمات الدولية من الدخول إليها بحجة عدم استباب الأمن فيها.
- 6- احتجاز قسد لعوائل عرب ضمن مخيم الهول منذ العام 2017 بحجة أنهم عوائل داعش.
- تهميش قسد المتعمد للمثقفين، وقيامها بتعين أشخاص لا يملكون خبرة في مفاصل الإدارة المدنية والعسكرية في دير الزور.
- تردي الواقع الخدمي والمعيشي في دير الزور، مقارنةً ببقية مناطق سيطرة قسد.
- تطبيق قسد لبطاقة وافد بحق أبناء دير الزور في حال رغبتهم بزيارة أو السكن في الحسكة أو الرقة ومنبج.
- محاولة قسد بين الفينه والأخرى فرض مناهجها وفكرها المتحرر في المنطقة العربية المسلمة الأصل.
- قيام قسد بدعم المحروقات والخدمات في الحسكة والرقة ومنبج وتهميشها المتعمد لدير الزور فعلى سبيل المثال لا الحصر يبلغ سعر لتر المازوت الجيد في الحسكة 1500 ليرة سورية، بينما يقوم أهالي دير الزور بشرائه بمبلغ 3000 ويصل أحياناً إلى 4000 ليرة.
- قيام قسد بصناعة أمراء حرب، وعدم اكتراثها لرأي الشيوخ، والمثقفين، وتطلعاتهم وتوجهاتهم.
- سياسة قسد بالتقرب من النظام السوري والميلشيات الإيرانية، في منطقة تنتمي للثورة ويرفض أبنائها أي خطوة تقود إلى المصالحة مع هذا النظام المجرم.
- قيام قسد بتزويد النظام السوري بالنفط بشكل يومي عن طريق موكب من السيارات تابع لشركة القاطرجي.
- إغراق المنطقة بالمخدرات والتجارة غير المشروعة، وعدم تحمل المسؤولية تجاه هذا الأمر.
- منع قسد أي وصول مباشر للعرب مع التحالف، ومحاولتها الدائمة تمثيل نفسها بانها هي الممثل الشرعي للعرب والكرد.
- المسيرات والمظاهرات التي تنظمها قسد للمطالبة بأطلاق سراح عبدالله أوجلان المعتقل في تركيا، حيث تعمد قسد إلى أجبار موظفيها وتهديدهم في حال عدم خروجهم.
- الدورات الفكرية المغلقة التي تقوم بها قسد وتجبر الموظفين والموظفات على الخضوع لها، وفي حال عدم خضوعهم تقوم بفصلهم ومعاقبتهم.
- قيام قسد بفرض إتاوات على التجار ومنع دخول البضائع إلا بدفع رسوم جمركية عالية، أدت إلى ارتفاع الأسعار، ما أهلك السكان.
- تدني الرواتب والأجور للعاملين.
- انتشار الوعي بين السكان وكشفهم بأن قسد هي الممثل الرسمي لحزب العمال الكردستاني المصنف على لوائح الإرهاب العالمية.
هذا ملخص لأبرز الأسباب التي أدت إلى احتقان السكان ضد قسد في دير الزور، وكأنهم كانوا ينتظرون سبب مباشر للتحرك ضد قسد وهذا ما حدث بالفعل.
الأمور في دير الزور تسير باتجاه ينذر بالخطر، وهذا ما تحاول استغلاله جميع الفصائل والقوى خارج المنطقة حيث تعمد على تأجيج هذا الوضع، وإذا ما تم رسم خطة تؤدي للتهدئة، ستكون دير الزور ساحة لقتال لا ينتهي.
بعد سنوات من تراكم الانتهاكات التي ارتكبتها قسد في منطقة شرق سوريا وفي دير الزور خصوصا بحجج مختلفة، ما أدى إلى فقدان الثقة بمشروع قسد وقيادتها، وبعد الأحداث الأخيرة في دير الزور، وكدراسة قريبة لمكونات دير الزور وفهم لواقعها وبهدف عودة الاستقرار إلى المنطقة، نحن أبناء عشائر دير الزور نطلب ما يلي:
- إنشاء إدارة مدنية مستقلة تتخذ سياستها بشكل مستقل لإدارة المنطقة دون تأثير من قسد وغيرها، وتمثل المنطقة بفعالية بعيداً عن تحكم قيادات حزب العمال الكردستاني عن إدارة الملف الأمني في المنطقة وضمان عدم فرض أيديولوجيتهم على السكان المحلين، ويكون تشكيل هذه الإدارة بناءً على المؤهلات العلمية والكفاءة والخبرة بعيداً عن التدخلات العشائرية.
- تحديد أدوار ومسؤوليات كافة كوادر الإدارة المدنية بشكل واضح، وبناء شراكة حقيقية مع قوات سوريا الديمقراطية على أساس التكافؤ والتضامن.
- إقامة جسم عسكري مستقل تحت إشراف التحالف الدولي، والذي يعكف على تمثيل المنطقة بدلاً من تسييرها من قبل قسد، يضم هذا الجسم كافة أبناء دير الزور، ويتم وضع آليات وأسس لهذا الجسم، ويتم التوافق عليها من قبل الشخصيات الفاعلة والنشطاء والمثقفين في دير الزور، وإلغاء جميع التدخلات المناطقية والقبلية والمسميات السابقة، وفتح باب التطوع لكافة أبناء دير الزور، للانضمام إلى هذا الجسم العسكري.
- محاسبة المسؤولين عن أي انتهاكات تحدث في مناطق دير الزور وعدم التسامح مع قضايا قتل المدنيين.
- تشكيل هيئة الأعيان من ممثلي العشائر والقيادات المجتمعية لضمان الصلح المجتمعي والسلم الأهلي.
- التصدي لأي محاولة لتهديد استقرار المنطقة من قبل نظام الأسد أو ميليشيات إيران أو خلايا داعش، وملاحقة خلايا النظام والمليشيات الإيرانية التي تحاول زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وضمان حماية المدنيين.
الأحد: 3 أيلول 2023 م