fbpx

ائتلاف قوى الثورة أم إتلافها؟

0 1٬444

منذ عام 2011 بدأ الشعب السوري ثورة عامة جامعة لكل الأطياف والمستويات الشعبية، لكنها لم تكن ذات توجه وبرنامج واضح معمول به أصولاً كما كانت الثورة الفرنسية مثلاً.
ليست ثورة جياع وطالبي مناصب، كانت ثورة الحرية والكرامة التي رسمت صور لبطولات وتضحيات، في ذات الوقت الذي كشفت به أوجه وشخصيات تسلقت عليها وركبت موجتها.
ويعتقد أن تخبط تشكيلاتها السياسية المتلاحقة والمتناحرة، أسست لهذه الحالة الصعبة في ميزان الثورة المائل دون ثقل حقيقي، فإذا اعتبرنا أن تشكيلة ائتلاف قوى الثورة والمعارضة هي تعبير عن توازنات عكست أجندات إقليمية أكثر مما عكست تعبير عن الثورة والشعب السوري، لماذا عجزت هذه القوى عن تشكيل إطار سياسي مستقل بعيداً عن هذه الأجندات؟

الائتلاف زوّر قضية حقيقية

ماهر سليمان العيسى
كاتب سوري

قال الكاتب السوري ماهر سليمان العيسى: إن تشكيلة ائتلاف قوى الثورة والمعارضة هي لم تعكس فقط الأجندات الاقليمية والرغبات الدولية في الموضوع بل زورت قضية حقيقة وأساسية، فليس هناك شيء اسمه قوى الثورة وقوى المعارضة.
وأضاف العيسى: إن الثورة السورية أو الانتفاضة السورية كانت عبارة عن حراك شعبي عارم غير منظم وغير مركزي، اختصر شعاره بثورة الحرية والكرامة أو الحرية والكرامة، لكن الشعارين غير محددين ببرنامج سياسي محدد، ومن سمات القوى أو التشكيلات التي نسميها قوى أن يكون لها برنامج محدد، قوى الثورة في الحقيقة هي عبارة عن طيف غير متجانس وكل يغني على ليلاه، منذ البدايات كانت هناك القوى المطالبة بدولة المواطنة الديمقراطية والعدالة وكانت هناك تيارات أخرى تذهب باتجاه ما يسمى “الدولة الإسلامية” وتريد أن تحققه، وأطراف أخرى ترفض كلا التوجهين وأن هناك حاجة أكثر تخصيصاً تسمى بالنموذج السني باعتبارها ثورة سنة على العلويين وما شابههم، فالمعنى من كلمة قوى ثورة، ليست دقيقة وتعبير غير محدد فعلا لعدم وجود برنامج سياسي لقوى الثورة.
الكاتب السوري أكد أن الأمر ينطبق على ما يمكن أن يسمى قوى معارضة أيضاً، لعدم وجود ما يسمى قوى معارضة في سوريا هناك هشيم وبقايا معارضة، فكل الأحزاب السورية المعارضة التاريخية هي بقايا لأحزاب معارضة كانت تلتف حول شخصية أو حول رمز ليس أكثر.
وأتبع العيسى بالقول: هناك إعاقة تاريخية في بنية المعارضة السورية التي كان يجب أن تتصدر المهمة، مهمة التأطير السياسي وإنتاج البرنامج السياسي، وتستقطب ما يسمى قوى الثورة للانخراط في هذا الإطار أو البرنامج لكن هذا الهشيم المعارض تاريخياً كان يعاني من أزمات تاريخية وبنيوية أهمها عدم التفريق بين الرؤية السياسية والبرنامج السياسي ولهذا كانت تطرح أفكار أولية أساسية دون معرفية كيفية تطبيقها على الواقع.
فيما يرى الكاتب أن هذه قضية تحتاج فهماً تفصيلياً لمفاهيم الإدارة السياسية وإدارة الحياة السياسية ومهارات أخرى غير الأدب السياسي والشعر السياسي والتحرير السياسي والمهام، فعملياً هي تفتقد هذه المهارات وهي عاجزة عن إنجاز هذا البرنامج السياسي المطلوب، حتى في اللحظات الحاسمة التي تلت الانتفاضة السورية العارمة ناهيك أيضاً عن مسألة أخرى مهمة جداً وهي عدم إمكانية فهم الآليات التي تنتج الهياكل التنظيمية للعمل السياسي، فهناك مناطق محررة فشلت المعارضة فيها لأنها لم تعرف الطريقة الصحيحة لإدارتها فأتت كل شياطين الأرض واستطاعت أخذ هذه الارض التي حُرّرت، واكتفت ما تسمي نفسها بقوى الثورة والمعارضة بأن تنصب نفسها ممثلاً عن الثورة خارج الأرض وتتركها لتدير نفسها بنفسها ما دفع لحضور داعش والنصرة وكل هذه التشكيلات التي لا دخل لها بالثورة السورية أو بجهد السوريين واحتلت الواقع.
وأوضح العيسى أن الائتلاف وتشكيلته ومؤسسته أصبحت خلفنا وخلف الوقائع جميعها وبظني أنها بالأصل لم تكن صالحة، فكيف الآن بعد كل التغيرات التي حصلت على ميزان القوى وعلى الأطراف التي دخلت في الصراع وعلى قدرة ما يسمى قوى الثورة والمعارضة.
وأشار الكاتب السوري إلى أن الائتلاف وحجم التمثيل فيه ليس المشكلة الأساسية، فلا مشكلة مثلاً بعدم وجود تمثيل للغالبية الساحقة، إنما على الأقل وجود مشروع وطني جامع وليس تجميعاً لمصالح قوى متعددة، فإحدى الكوارث التي صنعتها ما تسمى قوى الثورة والمعارضة كانت مسألة المحاصصة باعتبارها حقيقة أو ضرورة أساسية لتمثيل أطياف متعددة وكأنها تشكل برلماناً، في حين أن الثورات أو البرامج السياسية الانتقالية، التي تخص لحظة سياسية حاسمة، يكون لها هدف محدد وبرنامج محدد بزمن محدد افتراضي ويكلف مجموعة صغيرة جداً بإنجاز هذه المهمة فقط لأنها المهمة الحاسمة، أما تمثيل الطيف الموسع يتم عندما يكون هناك ديمقراطية وعقد اجتماعي جديد وجمعية تأسيسية أو برلمان، لكن ورطة المحاصصة هي الكارثة الكبرى التي عطلت العمل فنيا إضافة للعطالة البنيوية.
العيسى قال: نحن أمام مرحلة تغيير للجلد، فليس علينا فقط إسقاط حكم آل الأسد إنما علينا إنتاج عقد اجتماعي جديد في سوريا، يتم من خلال إسقاط النظام بالبرنامج الثوري، وأعتقد أننا في موقف سياسي صعب جداً، فسوريا غير مهيئة للتقسيم لكن سوريا تتشظى وهو أسوأ بكثير من التقسيم، فالتقسيم بحاجة لاعتراف بالكيانات السياسية التي ستنشأ عن التقسيم وهذا أمر صعب في ظل التوازن الدولي أو الاقليمي أما التشظي يكفي أن تسيطر على منطقة وتعلن أنه لك وفعلياً هذا الواقع حالياً.
أما بالنسبة للحل فيرى العيسى أننا بحاجة لشيء مقارب من منظمة التحرير الفلسطينية، لأننا أمام استحقاق تحرير سوريا من كل القوى المحتلة ومن ضمن هذه المهمة التخلص من حكم نظام الأسد، لنصل فيما بعد إلى سوريا الدولة الديمقراطية المعاصرة، فنحن بحاجة لجبهة وطنية عريضة، ولا أتحدث عن تمثيل، إنما برنامج سياسي تنصب الجهود لتنفيذه كونه الهدف الوطني بعدها لكل حادث حديث.

اصطلاح السياحة السياسية

أيمن عبدالنور
رئيس منظمة “سوريون مسيحيون من أجل السلام”

أيمن عبدالنور رئيس منظمة “سوريون مسيحيون من أجل السلام” كتب، أعتقد أن الأسباب الرئيسية ثلاثة لعجز الائتلاف عن تنفيذ أجندات وطنية مستقلة :
الأول عدم وجود أرض سورية يعملون عليها وبالتالي هم مستقلون عن كل الضغوط الخارجية، أرض تتبع لهم يعرفون أن هذا هو بيتهم وهذه هي حياتهم المستقبلية، الثاني عدم وجود تمويل وطني لأي مجموعة سياسية خارج سوريا بالتالي كانت جميعها تغرق في أجندات أو مطالب الممول الرئيسي، العامل الثالث مهم جداً، وهو تناقض رؤى ومصالح الدول التي أسمت نفسها الداعمة للمعارضة السورية أو ثورة الشعب السوري.
ويضيف عبدالنور: إن العامل الأول كان يمكن تجاوزه لأنه حصل في الحرب العالمية الثانية عندما كان الجنرال دوغول الفرنسي يعيش في بريطانيا وبالتالي لم تكن الأرض المشكلة في حال توفر العاملين الآخرين الذين هما تمويل بدون أجندة سياسية أو رؤى متناقضة والثالث عدم تناقض أجندات الدول المحور الأمريكي البريطاني الفرنسي الروسي كلها كانت تحمل رؤية واحدة وليست متناقضة، الآن في حالتنا هناك تناقض شديد من أقصى الطيف إلى أقصاه، أي من أقصى الطيف الإسلامي المتشدد إلى أقصى الطيف الليبرالي المعتدل، الديموقراطي، والاشتراكي وأجندته فقط ضد الإسلاميين، أصحاب أجندة فقط ضد الليبراليين فغرقت الثورة ومؤسساتها السياسية للأسف بسبب هذه العوامل الثلاثة.
التجربة التي مر بها الائتلاف خلال السنوات السابقة الطويلة رغم عرض تمثيله لكثير جداً من القوى السياسية داخل سوريا وخارجها يقول رئيس “منظمة سوريون مسيحيون من أجل السلام” لا نستطيع أن ننكر هذا، لكن مشكلة تنقلاته، حيث تم تشكيله في الدوحة ثم بعد ذلك انتقل إلى مصر ثم إلى اسطنبول والآن هناك هيئة التفاوض في السعودية، تعدد المرجعيات وتعدد ولاءات الأشخاص لدول كثيرة يمثلونها أدى إلى شلله وانحصار عمله في عدد محدود جداً من الأشخاص الذين يعلمون والبقية لا يعلمون – يبصمون – هذا هو جزء من المشكلة.
عبدالنور يرى المفيد بالأمر أنه تم إدارك حجم فعالية وعمل كل شخص وهذا في المستقبل سيفيد في تقييمهم نتيجة ما رشح عن عملهم.
بينما يقترح عبدالنور أن لا داعي للائتلاف من أصله إذا تم التركيز على هيئة التفاوض، تطوير عملها، رفدها بعناصر، إعادة هيكلتها وتعريضها، فتكون لدينا هيئة تفاوض ولجنة دستور ومنصات موسكو ومنصة القاهرة وكذلك هيئة ومجموعة المستقلين التي تشكلت في الرياض قبل عدة أشهر وبالتالي لا نريد أن نغرق في عديد الأشكال السياسية نركز على واحدة نتبناها، يكون فيها الأشخاص الجيدين أما الأشخاص الذيم لم يتمكنوا من العطاء ينسحبون تلقائياً لا يوجد داعي لانتظارهم، والأحزاب يجب أن تتحلى بروح وطنية من أجل ترشيح أشخاص يمثلونها واذا رأت أنها لا تمتلك قاعدة شعبية، يجب أن تنسحب من الحياة السياسية فجميعهم باتوا في السبعينيات والثمانينيات من العمر ومازالوا يتنظرون أول طائرة تقلهم في ما يسمى بسياحة سياسية، أوجدوا تعبيراً جديداً الآن في العالم، بدل السياحة الثقافية والسياحة الدينية أو السياحة الطبية بات لدينا سياحة سياسية في سوريا.

الائتلاف ولد ميتاً

غياث نعيسة
كاتب ومعارض يساري، منسق تيار اليسار الثوري في سوريا

غياث نعيسة، كاتب ومعارض يساري، منسق تيار اليسار الثوري في سوريا قال:
منذ البداية ولد الائتلاف ميتاً، وتابعاً، ومناهضاً، بوعي أو بدون وعي من أفراده، لمصالح السوريين بمستقبل حر وأفضل وسوريا مستقلة، شكلت هذه المعارضة المرتهنة منذ تشكيلها عبئاً على الثورة السورية، لتصبح أخيراً في خندق الثورة المضادة معادية لمصالح الشعب السوري، مهما كان اللغو الكلامي لبياناتها وتصريحاتها. منذ ولادته لم يكن للائتلاف حاضنة شعبية ولا وجود حقيقي على الأرض، فقط دوره كومبارس تافه في خدمة أولياء أمره من الدول الإقليمية. لذلك لا معنى للتساؤل عن عدم قدرته على تشكيل كيان سياسي مستقل، لأنه ولد تابعاً وبقي كذلك.
وأضاف نعيسة: لا أرى أية إمكانية للرهان على الائتلاف، بل أعتقد أنه يجب بناء جسد سياسي خارجه، ويمكن أن يضم بعض شخصياته النزيهة والمستقلة، وهم قلائل، هو التحالف الموازي الواسع للمعارضة الديمقراطية المستقلة، يهم كثير من المجموعات السورية الديمقراطية التي تعمل عليه، ونحن نشارك في هذه الدينامية لبناء جبهة متحدة معارضة للقوى والشخصيات الديمقراطية تعمل وترفع عالياً مطالب السوريين في الخبز والحرية والمساواة والسلام والاستقلال. وهذا يتطلب توحيدها وتوحيد عملها في مناطق وجودها، أي في القطاعات الثلاثة للخارطة السورية: مناطق سيطرة النظام، شمال غرب سورية وشمال وشرق سورية، دون القدرة على تجميع هذه القوى الديمقراطية السورية في هذه القطاعات الثلاث، سيكون من الصعب تحقيق إعادة توحيد البلاد وإقامة نظام ديمقراطي لا مركزي وإخراج كل المحتلين، وقبل كل ذلك وقف الحرب المدمرة.

هو ائتلاف تقاسم الحصص

محمود الوهب
كاتب يساري

هذا التقاسم عكس صراعات داخلية بين أعضاء الائتلاف أنفسهم، ومن يمثلون في الداخل السوري..! كما يرى محمود الوهب الكاتب اليساري والناشر، أضاف أيضاً: ثمة أحزاب علمانية قومية ويسارية وليبرالية، وثمة أحزاب إسلام سياسي وهناك أفراد وجماعات يمثلون أطيافاً سورية أخرى سواء كانت قومية أم دينية أم طائفية.. وقد تقاسم الائتلاف الحصص على هذا الأساس.. ومن هنا بدأت صراعاتهم، إذ لم يعيدوا جميعهم ذلك الزخم الثوري الذي امتد على طول الشارع السوري..! ولم ينصبَّ جهدهم على الكيفية التي من خلالها يجب ملاقاة اشتعال روح أولئك المتمردين على حكم استبدادي فريد في بطشه.. ولم يعطوا الشارع الأهمية الكافية لاستثماره بالطرق المثلى، وصولاً إلى دولة ديمقراطية متحررة من ألوان الاستبداد كافة.. والتي يعتقد الكاتب أن صراعاتهم تلك كانت السبب الرئيس في عدم توحيد الجهود لإيجاد موقف واحد يلتف حول غاية واحدة واضحة محددة بأسلوب معين يؤلف جدياً بين قوى الائتلاف والمعارضة.. ومن هذا الفراغ دخلت الجهات الإقليمية والدولية، وخصوصاً حين بدأ التسلح، وكثر الداعمون والممولون الذين راحوا يفرضون آراءهم، وركب الموجة أناس لهم مصالح لا تلتقي ومصلحة الشعب السوري، وجرى تنافس إقليمي ودولي لاستثمار ذلك ووقع الائتلاف أسير ذلك الواقع المؤسف، وبرز النظام رغم وحشية جرائمه أكثر تماسكاً في مواقفه.
يؤكد الكاتب اليساري أيضاً: أن الواقع الذي يعيشه السوريون اليوم بعامتهم (داخلاً وخارجاً) صعب جداً، فلم يعد هناك شيء في يد الشعب السوري، والقرار السوري اليوم مصادر، وهو بين يدي قوى عظمى وإقليمية.. ومع ذلك يمكن لمؤتمر وطني سوري شامل يجمع قوى اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية، إذا قدِّر له، طبعاً، الانعقاد في ظل هذه الفوضى العارمة، وتناقض المصالح بين الدول المتدخلة في الشأن السوري.. يمكن له أن يختار هيئة جديدة أكثر شمولاً في تمثيلها، وأكثر مصداقية، وقادرة على استعادة الصوت السوري الذي انطلق في آذار 2011 منادياً بدولة مدنية، ديمقراطية، لا مركزية، تحافظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً وتحقق المواطنة الكاملة الخالية من أي تمييز على أي أساس كان.. وعندئذ يمكن للعالم أن يسمعه، وبذلك، يتلاقى مع ما توصل إليه مجلس الأمن بالقرار 2254.. أعتقد أن ذلك يمكن أن يكون أفضل من أي سيناريو آخر يطبخ الآن في دهاليز الدول المتصارعة حول مصالحها..!

ولدا قاصرين من خلال سلوك الفزعة

مروان الأطرش
رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية

يرى مروان الأطرش رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية أن الثورة ضرورة انطلقت بعفوية صادقة للتخلص من نظام الأسد وأجهزته الأمنية، سعياً لبناء دولة الحرية والعدالة.
ثورة افتقدت قيادة سياسية لها نظراً لغياب الحرية والحراك الاجتماعي والأحزاب السياسية والمنظمات المدنية، ونتيجة تصَحّر العمل السياسي الذي فرضه النظام منذ عقود عبر تسلط أجهزته الأمنية على الحياة العامة كلها.
أما بالنسبة للائتلاف، والمجلس الوطني قبله، قال الأطرش: إنهما ولدا سوريين من خلال سلوك (الفزعة) لا العمل السياسي الواعي المنظم والتحالف المبرمج. مراهناً على سقوط النظام خلال أشهر، وأنه سيكون البديل في المرحلة القادمة، حسابات استندت ايضاً إلى دعم واعتراف دولي واسع، ظنوه أمراً دائماً. من هنا بدأ القصور الأكبر في الرؤى والمسؤولية لذلك يمكننا اعتباره ولادة قاصرة غير مكتملة، احتاجت، وما تزال، لحاضنات تكامل النمو الذي لم نره حتى اليوم.
ويؤكد رئيس الكتلة الوطنية أن تركيبة الائتلاف التي فرضتها الدول والترضيات الشخصية، بنيت على ألوان المذاهب والإثنيات والمناطق والمحاصصة وليس القدرة، وتلك أهم أسباب ضعفه. إضافة إلى أنه لم يكن نتيجة نضوج حراك وتحالف تنظيمات سياسية ومدنية عبر رؤى المصلحة الوطنية الشاملة لمستقبل الوطن الواحد بكل مكوناته، هيمن على مفاصله الأخوان المسلمون منذ البداية، كونهم الحزب الأكثر تنظيماً، مدعوماً من تركيبتهم الدولية القوية وبعض الدول، ومباركة توافقية من حزب الشعب، كما غلب عليه انغلاقه على نفسه وأشخاصه، فهم قلة، أصبحوا أقل بعد انسحاب الكثيرين، يلاحق الأحداث ولا يؤثر فيها، منعزل عن الحراك السياسي الشعبي وناشطيه، يتخبط ويغرق في مستنقع الحركات والكتائب المسلحة، فكان تسليح الثورة كما شهدناه مقتلة لها وله أيضاً.
وأكد الاطرش أن الكتلة الوطنية، وجهت خطاباً واضحاً لمخاطر تشكيل حكومة في المنفى وقيادات أركان. خطاب لم يحظ باهتمامهم للأسف. سار في خط التنازلات المستمرة، وفقاً لقرارات وإملاءات الدول الفاعلة من جنيف1 إلى القرار /2254/ إلى أستانا ثم الرياض 1-2 ثم سوتشي، وأخيراً اللجنة الدستورية، رافقت تنازلاته فقدانه لتماسكه.
ولا يمكن من وجهة نظره لجسم في هذه الحالة وهذا الضعف وهذا الضياع أن يكون قاعدة انطلاقة جديدة، عبر رفده بمجموعات وأشخاص آخرين من الحراك السياسي وتنظيماته وليس هذا بسبب ضعف الائتلاف وحده، بل بسبب تشرذم وضعف معظم الحراك الوطني أيضاً.
ونحن مع أية مبادرة صادقة وفاعلة لعقد مؤتمر وطني. على أن تستوفى الشروط الضرورية لاستمراره، لا أن تكون نسخة لمحاولات حملت نفس الاسم وانتهت عملياً في اليوم التالي لاختتام أعمالها.
يقول الأطرش: إن تجّمع المعارضة في مؤتمر وطني مستقل القرار والإدارة والتمويل سيكون نقلة نوعية فاعلة، لكن المؤتمر الوطني ليس عملية جمع عشرات الأشخاص انطلاقاً من تجميع باقات من خبراء وعلماء وسياسيين وضباط ومثقفين، ثم إصدار بيانات وخطط ودراسات.

الحل الآخر برأيه سيكون إما:
مؤتمر تفرضه وتختاره القوى الدولية والإقليمية المهيمنة، وهو في الوقع امتداد لما سبق من لقاءات ومفاوضات ومنصات وأشخاص، مع بعض التعديلات التي ستفرضها متغيرات محتملة في موازين القوى المهيمنة ذاتها. وهو الأكثر حظاً للأسف. نتيجة غياب وتغييب دور السوريين، أو مؤتمر يضم عشرات، ينتهي بهم المطاف إلى إصدار بيان كما عهدنا.
الخوف الأكبر في رأي الأطرش هو تثبيت حالة أمر واقع يرضي مصالح الدول المحتلة لأرضنا، أمر واقع يشبه حالة العراق، تزينه زخارف حقوق الأقليات والمكونات والإدارات الديموقراطية – كلمة حق يراد بها باطل – هو تمزيق الممزق.

يتوافق السوريون ولا يختلفون على ضرورة ازاحة الائتلاف أو إتلافه نهائياً في المعترك السياسي نتيجة الضعف الفني والبنيوي الذي سببته العوامل الكثيرة التي ذكرها الضيوف في هذا التحقيق.

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني