إلى روح الشاب الذي رحل قبل أوانه المرحوم يوسف
طالتك يد الإجرام الآثمة فكنت ضحية الفلتان الأمني وانتشار السلاح العشوائي وتهدم القيم الأخلاقية في مجتمع نسي أو تناسى تاريخه.
من دموع أهلك ومحبيك، وشرايين أمك وأخيك وأبيك أغزل لك وشاح براءة وطهارة.
من غضب الأحرار احتجاجاً على هكذا جريمة لا أخلاقية ولا إنسانية أصنع الحجارة لأرجم ألف ألف مرة الطغاة والفاسدين والمجرمين وتجار الحروب والأزمات الذين يتاجرون بدمائنا وخبزنا ودوائنا.
لا أريد أن أرثيك أو أنعيك بالطريقة التقليدية لأنك لست الحالة الأولى أو الفريدة وإن كنت أتمنى أن تكون الحالة الأخيرة.
كل يوم، في ل كل ساعة ندفع ثمن صمتنا وعدم قدرتنا على الوقوف في وجه الفساد وفي وجه العصابات المسلحة وفي وجه الاستبداد، والعمل من أجل أن يأخذ القانون دوره والقضاء النزيه يمارس صلاحياته ومحاربة الصغيرة مع محاربة الكبيرة من الممارسات المخلة بالقانون وبالأخلاق والوطنية، أمام هذه العصابات المجرمة للخطف والسرقة والتهريب والتجارة بالممنوع من مخدرات وسلاح وغيره الكثير، أمام كل ممارسات هذه العصابات سؤال يفرض نفسه، إلى متى ستستمر هذه الحالة المنتشرة في كل المحافظات السورية وفي كل المدن السورية وفي كل القرى السورية، وعلى كل الجغرافيا السورية، من الشمال السوري في الحسكة والقامشلي إلى الجنوب في درعا والقنيطرة والسويداء ومن الشرق في الرقة والفرات حتى الغرب بالساحل في طرطوس واللاذقية، مروراً في الوسط بحماة وحمص ودمشق وحلب وإدلب. أي لا أستثني شبراً واحداً من أرض سورية الحبيبة. كما أن هذه العصابات وجرائمها وصلت لتطال كل الفئات الاجتماعية السورية على اختلاف مواقعها الاقتصادية والسياسية والإثنية والدينية والطائفية…
بعد سؤال إلى متى ستستمر هذه الحالة، يترتب علينا سؤال على درجة عالية من الأهمية، كيف لنا أن نتخلص من هذه الحالة في ظروف داخلية معقدة وظروف دولية متشابكة؟ أما آن الأوان لنضع يدنا على الجرح، ونعمل يداً واحدة وإرادة واحدة من أجل الانتقال السياسي السلمي الديمقراطي لبناء دولة القانون والعدالة والمساواة دولة المواطنة الدولة العلمانية الديمقراطية، متى تُدرك قوى المعارضة السورية – إن صحت التسمية – أن تراجع سلوكها خلال العقد الماضي مراجعة نقدية لتدرك أين أخطأت وأين قصرت وما هو المطلوب اليوم كي نعيد للشعب السوري السيادة وقراره المستقل، لابدّ لنا من أن نطور سياستنا وآليات عملنا وأدواتنا مع الحفاظ على ثوابتنا بالحفاظ على سورية موحدة أرضاً وشعباً والعمل على تحريرها من كل القوى الدولية المهيمنة والقوات المسلحة من أي جهة كانت ولأي جهة داعمة.
ووفاءً لكل ما هو موروث من عاداتنا وتقاليدنا يساهم بتعزيز القيم الأخلاقية والوطنية النبيلة.
ومن وحي فلسفة كونفوشيوس أقول: إذا أراد أي مجتمع أن ينشر أرقى الفضائل في مفاصل الحياة اليومية ومؤسساته الاجتماعية وهيكلية الدولة ودوائرها، يتم البدء بتنظيم الولايات أحسن تنظيم وإذا أرادوا أن يحسنوا تنظيم ولاياتهم، بدأوا بتنظيم أسرهم وإذا أرادوا تنظيم أسرهم بدأوا بتهذيب نفوسهم، ولما أرادوا أن يهذبوا نفوسهم بدأوا بتطهير قلوبهم، ولما أرادوا أن يطهروا قلوبهم، اجتهدوا وعملوا أولاً بأن يكونوا مخلصين في تفكيرهم، ولما أرادوا أن يكونوا مخلصين في تفكيرهم بدؤوا بتوسيع دائرة معارفهم إلى أبعد حد ممكن ومستطاع، وهذا التوسع في المعارف لا يكون إلا بالبحث عن حقائق الأشياء ليصبح علمهم كاملاً، ولما اكتمل علمهم خلصت أفكارهم، ولما خلصت أفكارهم تطهرت قلوبهم، ولما تطهرت قلوبهم تهذبت نفوسهم، ولما تهذبت نفوسهم انتظمت شؤون أسرهم، ولما انتظمت شؤون أسرهم صلح حكم ولاياتهم، ولما صلح حكم ولاياتهم، أصبحت الدولة – الإمبراطورية – المجتمع كله هادئاً وسعيداً.
الفضيلة الكاملة باختصار ألا تفعل بغيرك ما لا تحب أن يُفعل بك.
وأختم قولي هذا بكلام للحكيم كونفوشيوس “ما أشقى الرجل (وأنا أقول الإنسان) الذي يملأ بطنه بالطعام طول اليوم دون أن يُجهد عقله في شيء”.
فالإنسان الذي لا يتواضع في شبابه التواضع الخليق بالأحداث، ولا يفعل في رجولته شيئاً خليقاً بأن يأخذه عنه غيره، فهو إنسان ليس جديراً بالحياة.