fbpx

إضاءة على القانون رقم 41 لعام 2004

0 388

ماذا قدم للمنظومة القانونية من تطوير بما يتعلق بالحقوق العينية في المناطق الحدودية.

بداية إن القانون رقم 41 لعام 2004 يلغي المرسومين رقم 193 تاريخ 3/4/1952 ورقم 75 تاريخ 28/7/1962 وتعديلاتهما.

ويتلخص هذا القانون بأنه لا يجوز إنشاء أو نقل أو تعديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري على أرض كائنة في منطقة حدوديّة، أو إشغالها عن طريق الاستئجار، أو الاستثمار لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، لاسم أو لمنفعة شخص طبيعي أو اعتباري، إلا بترخيص مسبق من وزير الداخلية، بناء على اقتراح وزير الزراعة، وبموافقة وزارة الدفاع. ويعتبر رفض وزير الداخلية هنا مبرماً غير خاضع للمراجعة.

كما أن المناطق الحدودية تُقرر بمرسوم جمهوري بناء على اقتراح وزير الدّفاع، ولن يغيب عنا غايات المشرع الكامنة خلف هذا القانون، ومن قبل أحداث الثورة السورية، إنها تحرص على خلق الفوضى لمواجهة المعارضة، ومنذ القديم ولا سيما بما يتعلق بحقوق الأكراد بالملكية، ثم وصولاً إلى الشعب السوري المعارض للنظام بعد الثورة بجميع أطيافه. 

ومن ضمن ما تناوله القانون بأن هذه المنطقة الحدودية، تُحدد بمرسوم بناء على اقتراح من وزارة الدفاع، بموافقة وزير الداخلية، كما أن عمق المنطقة الحدوديّة غير ثابت وقابل للتغيير!!؟ لعدم تمكين أصحاب الحقوق من الحيازة الهادئة، أو الملكية المستقرة.

إن مصالح الدولة العليا، في ظل دستورية القوانين، التي نظمتْ حقوق المواطنين والدولة معاً، لا تتضارب مع مصالح الأفراد، وحتماً الدستور السوري، لم يُغفل بقواعده القانونية تنظيم أمن الدولة، لكن للسلطة السياسية أوليّاتها، التي تدسّها في القوانين، لتنظيم مصالحها بعيدة المدى، وليتها اهتمت بمصالح الشعب القريبة والبعيدة المدى، تلازماً مع مصالحها، فالتوفيق بين المصلحتين واجب دستوري ، وهو يضمن سلام الدولة والشعب، لكن عندما تتضارب مصالح الدولة مع مصالح الشعب، يسقط قناع السلطة التي تقف فوق القانون.

للوقوف على عيوب المرسوم نستذكر القاعدة الدستورية:

((حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون))

جاءت الفقرة الثانية من المرسوم المذكور:

ب- إن رفض وزير الداخلية للترخيص قطعي لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة إلا أنه يجوز إعادة الطلب في حال زوال السبب المانع للترخيص أو انقضاء سنة من تاريخ الرفض.‏

فلا يصح قانوناً توقيف قاعدة دستورية تمنح المواطن حق اللجوء إلى القضاء، ثم تشمل قرار الوزير بصفة النفاذ المطلق، وما دام حق المتقاضين مشروعاً بالطعن في الأحكام القضائية ، فكيف يمنع هذا المرسوم الطعن بقرار صادر عن سلطة تنفيذية أو إدارية؟

هذا دليل على عدم استقلالية السلطة القضائية في سوريا. كما هو في جميع الدول التي قوامها الاستبداد.

وفي المادة الرابعة:

((تنفّذ أحكام المحاكم وقرارات القضاة العقاريين المتعلقة بالأراضي الكائنة في مناطق الحدود بعد اقترانها بالترخيص المنوه به)).

طالما أن المرسومين رقم 193 تاريخ 3/4/1952 ورقم 75 تاريخ 28/7/1962، لا يشترطان الترخيص، وحيث أنه تم إبطالهما بتاريخ 2014 كما هو واضح، فما هو مصير ما تم رفعه من قضايا قبل صدور هذا المرسوم؟

لقد تم توقيف جميع الدعاوى التي كانت على وشك الحسم، ريثما يحصل أصحابها على ترخيص، ومن لم يحصل على ترخيص فقد حقه بالملكية الذي تمّ إثباته في القضية المرفوعة الجاهزة للحكم، وكلنا يعلم أن الترخيص يستوجب موافقة أمنية، ويعلم أيضاً أن التوجه السياسي للمواطن هو معيار للقبول أو الرفض، وهكذا تضيع الحقوق تحت مظلة القانون.

 بينما القاعدة الدستورية تنص: ((لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ولا يكون لها أثر رجعي، ويجوز في الأمور الجزائية النص على خلاف ذلك))

وهكذا كانت القوانين المتتالية، في عهد حكم آل الأسد، تستبد، وتمارس العنف القانوني، بما يتعلق بحق الملكية المقدس بجميع الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني