fbpx

أطفال إدلب من مقاعد الدراسة إلى ميادين العمل

0 183

أجبر الكثير من الأطفال في إدلب على العمل نتيجة استمرار الحرب، وما يرافقها من فقر وغلاء وتراجع قطاع التعليم وفقدان الأمان، وتتنامى ظاهرة عمالة الأطفال في مخيمات النزوح، حيث يؤدي النزوح ﻋﺎﺩﺓ ﺇﻟﻰ حرمان معظم ﺍﻷسر من ﻣﺼﺎﺩﺭ ﺭﺯقها ﺍﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ومقومات عيشها ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎنت تملكها في مناطق سكنها، لتتحوّل إلى طلب المساعدات ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ للمساعدة على العيش، الأمر الذي دفع هذه الأسر إلى إرسال أطفالها ﺇﻟﻰ العمل للمساعدة في تأمين متطلبات الحياة المعيشية.

مدير التربية في إدلب حسن الشوا يوضح لـ نينار أسباب عمالة الأطفال بالقول: “الكثير من أطفال إدلب تخلوا عن طفولتهم وتركوا مقاعد الدراسة نتيجة عدم استقرار السكن والمعيشة بالنسبة للأطفال وأسرهم، والظروف الأمنية الصعبة كالقصف والتهجير، وعدم وعي الأهل بأهمية التعليم وضعف القدرة الاستيعابية للمدارس في أماكن النزوح وبعد المسافات أحياناً، فضلاً عن قساوة المعيشة التي جعلت أوليات الاحتياجات اليومية تتقدم على التعليم، وغياب الإمكانيات التي تجعل الأطفال عرضة للعمالة المبكرة، إضافة إلى حرمان الأطفال من أحد الأبوين أو كليهما بسبب القصف، وخطر استهداف المدارس بشكل متكرر، كمدارس بلدة حاس، ومدرسة البراعم في إدلب مؤخراً.”

ويشير الشوا أنه في آخر إحصائية للمتسربين بلغت نسبتهم 40% حيث كان عددهم قبل موجة النزوح الأخيرة 200000 طالباً.

الطفل عامر الخديجة (13عاماً) نزح مع أسرته من مدينة خان شيخون إلى مخيمات أطمة الحدودية مع تركيا، يعمل في ورشة للحدادة وعن معاناته يقول: 

“كنت ﺃﺫهب ﺇﻟﻰ المدرسة قبل ﺃﻥ أبدأ العمل في الورشة، لكننا كنّا نتغيّب عنها ﻷﺳﺒﺎﺏ كثيرة، منها القصف ﺃﻭ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﺃﻭ البرد ﺃﻭ عدم وجود مدرسين” 

ويتابع الخديجة: “أسرتي كانت ﻓﻲ كثير من ﺍﻷﺣﻴﺎﻥ تعجر عن شراء دفتر أو قلم لي، لذلك تركت المدرسة وبدأت العمل في الورشة من الصباح الباكر حتى المغيب.”

كذلك فقدان المعيل يعتبر سبباً في عمالة الأطفال في إدلب، حيث يضطر الطفل الأكبر للعمل لمساعدة أسرته في تأمين متطلبات العيش في ظل الغلاء الفاحش، والظروف المعيشية المتردية.

تسيطر ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻹﺭﻫﺎﻕ ﻋﻠﻰ ﺍلطفل عمران الأصفر(14عاماً) وهو يتجول في شوارع مدينة سرمدا ﻟﺒﻴﻊ ﺣﺎﺟﻴﺎﺕ الأطفال من سكاكر ﻭﺃﻟﻌﺎﺏ، مخفياً ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ حسرة كبيرة ﻟﻤﺎ ﺁﻝ إليه ﻭﺿﻌﻪ ﺍﻟﻤﻌﻴﺸﻲ، ﻓﻬﻮ يعمل قرابة تسع ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﺘﺘﺎﻟﻴﺔ بشكل يومي دون كلل أو ملل، ليوفر قوت إخوته، ويعيل أسرة مكونة زمن ستة أفراد بعد وفاة والده في غارة حربية منذ سنتين، يوضح لـ نينار قائلاً: “اجتمع في حياتي اليتم والنزوح، حيث نزحنا من مدينة معرة النعمان بعد وفاة والدي في الحرب، وباعتباري الابن الأكبر اضطررت للعمل للإنفاق على أسرتي.”

الكثير من الأطفال يمارسون أعمالاً خطرة نتيجة قلة فرص العمل كالبناء والبحث في القمامة، ومنهم من يتعرض للغبن في الأجور وقسوة أرباب العمل، حيث يفضل الكثير من أصحاب المحلات والمطاعم تشغيل الأطفال لعدم قدرتهم على المطالبة بحقوقهم، والعمل لساعات طويلة بأجر زهيد. 

الطفل مصطفى القدور(11عاماً) يعمل في مطعم للوجبات السريعة، يتعرض للضرب والشتم من قبل صاحب المطعم وعن ذلك يقول: “أتعرض لمعاملة سيئة من قبل صاحب العمل لأنني يتيم الأب وبحاجة للأجر اليومي الذي يعطيه لي، ويتذرع دائماً أنه يعلمني المهنة.”

ويضيف القدور بصوت حزين: “أكره العمل وأتمنى أن أعود للدراسة، ولكن لا سبيل لذلك بسبب الفقر والحاجة، فالأجر الذي أحصل عليه يساعد أمي في تأمين قوت يومنا، إضافة إلى عملها في بيع الملابس المستعملة داخل المنزل.”

فاضل أبو تيسير رئيس المجلس المحلي في مدينة بنش غرب إدلب يتحدث لـ نينار عن عمالة الأطفال بقوله: “تقدر نسبة الأطفال المنقطعين عن التعليم في مدينة بنش حوالي 80%، نصفهم في أسواق العمل، والنصف الآخر يضيع مستقبله دون تعليم أو عمل.”

يؤكد أبو تيسير أن الحلول تكمن في دعم الأسر الفقيرة وخلق فرص عمل جديدة، ودعم التعليم التعويضي للأطفال المنقطعين عن الدراسة.

يعيش أطفال إدلب ظروفاً إنسانية سيئة في بيئات العمل، حيث أجبروا على تحمل مسؤولية كبيرة قبل الأوان على أمل أن تتحسن الأحوال ليعيشوا حياة كريمة يستحقونها، ومستقبل أكثر أماناً.

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني