fbpx

أزمة اللاجئين السوريين بين وحشية أثينا وتعنت أنقرة

0 166

وسط تبادل للاتهامات على خلفية أزمة اللاجئين المتصاعدة بين أنقرة وأثينا، استقبلت برلين مؤخراً عدداً من صغار السن من اللاجئين وأفراد من أسرهم، إذ أعلنت الداخلية الألمانية عن وصول طائرة تنقل 90 فرداً من 22 أسرة إلى برلين، وأن 22 من هؤلاء أطفال ومراهقين مرضى بصحبة بعض أفراد أسرهم قادمين إليها من اليونان. 

ووفقاً لما هو معلن فمن المقرر أن يبلغ عدد المهاجرين الذين ستستقبلهم ألمانيا من اليونان 928 مهاجراً، من بينهم 243 طفلاً ومراهقاً في أمس الحاجة لتلقي العلاج، أما باقي العدد فهم من أفراد عائلاتهم المصاحبين لهم.

وذلك بعد أن وافق الائتلاف الحاكم بألمانيا في شهر مارس/آذار الماضي على استقبال مئات من المهاجرين الموجودين داخل مخيمات اللجوء اليونانية في إطار برنامج أوربي لاستقبال اللاجئين. 

إلا أن الداخلية الألمانية أوضحت في بيان لها أن هؤلاء الذين تم استقبالهم مؤخراً ليسوا جزءاً من هذا البرنامج، وإنما هم جزء من برنامج لم شمل الأسر في أوروبا.

وبحسب بيان لوزارة الهجرة اليونانية فقد تم بالفعل مؤخراً نقل 85 لاجئاً قاصراً يصحبهم 90 فرداً من أسرهم من أثينا إلى ألمانيا.

وبسبب وباء كورونا تم تعليق مغادرة اللاجئين من اليونان إلى ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي، فيما تنص الخطة على نقل 1600 قاصراً من اليونان إلى دول الاتحاد الأوربي وسويسرا.

التحرك الألماني الأخير جاء على خلفية تزايد حدة الاتهامات الموجهة إلى الحكومة اليونانية بانتهاك حقوق اللاجئين، وقيامها بإعادة طالبي اللجوء قسراً إلى الحدود التركية، رغم مخالفة ذلك لقوانين الاتحاد الأوربي والأمم المتحدة.

حيث أفاد شهود عيان بقيام حرس الحدود اليوناني بارتكاب مخالفات ضد اللاجئين ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، أو على أقل تقدير جرائم القتل المتعمد، وذلك بعد قيامهم بثقب قوارب اللاجئين، أو إضرام النيران في محركاتها، وترك اللاجئين بمفردهم يصارعون الموت غرقاً. 

بينما اتهمت التقارير التي أعدتها العديد من المنظمات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان عموماً، وحقوق اللاجئين على وجه الخصوص حكومة اليونان بانتهاك إنسانية اللاجئين المقيمين في مخيماتها، وهو السلوك الذي دفع ثلاثة من الشباب السوريين الموجودين في تلك المخيمات بجزيرة خيوس إلى محاولة الانتحار خلال الشهر الماضي بسبب قسوة العيش في تلك المخيمات، والتعسف والإهمال الذي تمارسه الحكومة اليونانية ضد اللاجئين الموجودين لديها. 

وأكد الكثيرون ممن تعرضوا إلى معاملة وحشية من جانب السلطات اليونانية، وتمت إعادتهم بصورة غير إنسانية إلى تركيا أنهم حاولوا مراراً قوننة أوضاعهم في اليونان، إلا أن إغلاق مكاتب الهجرة بسبب وباء كورونا حال بينهم وبين استكمال تلك الإجراءات، وأن الشرطة اليونانية قامت على إثر ذلك بالقبض عليهم ومصادرة أوراقهم وممتلكاتهم وضربهم قبل وضعهم داخل شاحنات أعادتهم إلى تركيا. 

أنقرة من جانبها ونتيجة لسياسة الإقصاء التي تمارسها السلطات اليونانية ضد طالبي اللجوء أصبحت تعلن بصورة شبه يومية عن قيام حرس الحدود لديها بإنقاذ أعداد من اللاجئين الذين كانوا يواجهون خطر الموت غرقاً بعد أن قذفت بهم السلطات اليونان خارج مياهها الإقليمية.

ورغم وجود اتفاق مبرم بين تركيا والاتحاد الأوروبي ينظم عمليات استقبال اللاجئين، ودور تركيا في تلك العملية والمساعدات التي ستقدمها أوروبا في هذا الإطار، إلا أن أثينا دائماً ما تتهم أنقرة بعد الالتزام ببنود الاتفاق المذكور، وهي الاتهامات التي ترفضها أنقرة جملة وتفصيلاً، مؤكدة أن الدافع وراءها هو محاولة التستر على الجرائم التي ترتكبها اليونان بحق طالبي اللجوء. 

وتأكيداً لذلك أعلنت الداخلية التركية أنها استقبلت آلاف اللاجئين الذين تنطبق عليهم شروط الحماية الدولية التي تُقرها قوانين الاتحاد الأوروبي، ورغم ذلك تقوم اليونان بإعادتهم إلى تركيا دون تسجيلهم لديها أو دراسة طلباتهم، وذلك في مخالفة صريحة أيضاً لبنود الاتفاق الموقع بين أنقرة والاتحاد الأوربي.  

وهي الجرائم التي ازدادت حدتها منذ فبراير/شباط الماضي، بعد أن قررت تركيا فتح حدودها أمام طالبي اللجوء إلى أوروبا، بسبب عدم وفاء الاتحاد الأوربي بتعهداته التي قطعها على نفسه في الاتفاق المشار إليه. 

حيث بلغ عدد من عبروا إلى اليونان منذ ذلك التاريخ أكثر من 147 ألف لاجئ، استخدمت ضدهم السلطات اليونانية القوة وكل أنواع العنف للحيلولة دون دخولهم إلى أراضيها، حتى وصل الأمر إلى إلقاء القنابل المسيلة للدموع، والقنابل الصوتية، بل وإطلاق الرصاص الحي عليهم، وهو ما أسفر عن وقوع عدد من القتلى وفق شهادات أدلى بها من كانوا بصحبتهم، وهو ما تنفيه اليونان.  

وكانت تركيا قد توصلت في 10مارس/آذار 2016 إلى ثلاثة اتفاقات مع الاتحاد الأوروبي حول الهجرة، وإعادة قبول طالبي اللجوء، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك، وتؤكد أنقرة على التزامها بما يتوجب عليها في الاتفاقيتين الأوليتين، متهمة بروكسل بالنكوث بوعودها الخاصة بإلغاء تأشيرة الدخول للأتراك، وبعدم الوفاء بالتزاماتها المالية المنصوص عليها في الاتفاق الموقع بينهما، الأمر الذي دفع أنقرة للإعلان عن عدم تعرضها لطالبي اللجوء إلى أوروبا، وفتح حدودها أمامهم.

وما بين استخدام القوة المفرطة من جانب حرس الحدود اليوناني ضدهم لمنعهم من المرور إلى أراضي الدول الأوروبية، وبين رغبة أنقرة في الحصول على الامتيازات التي نصت عليها اتفاقياتها مع الاتحاد الأوربي بعد أن أوفت بتعهداتها، لاتزال مشكلة اللاجئين الباحثين عن مستقبل آمن لأبنائهم تراوح مكانها منذ أربعة أعوام، فيما تتناول وسائل الإعلام يومياً خبراً جديداً عن عدد الوفيات بينهم، وأعداد من تم إنقاذهم من براثن الموت غرقاً. 

“جميع المقالات في الموقع تعبّر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي نينار برس”

لن يتم نشر عنوان بريدك الالكتروني